الأحد، 13 يوليو 2008

في دولة تحفها الانهار والبحيرات الجوفيه..فاقد مياه الشرب 65%

العطش وراء تمدد الفقر والنزاعات فى الريف تقرير
الخرطوم : بله علي عمر
المياه أهم عناصر الحياة فمنها جعل الله كل شيء حي وواقع مياه الشرب في السودان لا يشرف احداً ، ذلك انه ورغم توفر المصادر الغنية بالمياه التي يمكنها توفير 31,5 مليار متر مكعب تشكل حصة السودان من مياه النيل مانسبته 65% من جملة هذه الموارد وتشكل المياه السطحية حوالي21% ، ثم تأتي المياه الجوفية في المركز الثالث بنسبة تبلغ 14% ورغم ذلك تفاقمت مشكلة مياه الشرب في البلاد اذ تشير الاحصائيات الرسمية الى ان الاحتياج الفعلي من مياه الشرب لمقابلة متطلبات الانسان والحيوان تقدر بحوالي (3,908,329)متر مكعب من المياه العذبة في اليوم فى حين ان المتاح لا يتجاوز(1,380,147) مترا مكعبا اي ان هنالك فاقدا يقدر بحوالي (2,825,182) مترا مكعبا وهو يشكل ما نسبته 65% من اجمالي المطلوب .وفي مقارنة لمياه الشرب المتاحة لعدد سكان السودان البالغ عددهم (35) مليون نسمة نجد ان متوسط المتاح للمواطن السوداني لايتجاوز (10) لترا علما ان المستوى العالمي (20) لترا للفرد الواحد فى اليوم. وباستثناء بعض مناطق الشريط النيلي فان كافة انحاء السودان تعاني نقصانا حادا في مياه الشرب خاصة في المناطق الريفية بمناطق شمال دارفور وشمال كردفان وولايات الشرق وانحاء متفرقة من جنوب كردفان والولايات الوسطى حيث يتركز 75% من سكان السودان و انعامهم التي يبلغ عدد رؤوسها (135) مليون رأس .هذه الأمثلةولتقريب المعاناة الحقيقية تنقل (الصحافة) في هذه المساحة اربعة امثلة لبعض المناطق التي تعاني ويلات شح المياه اذ حدثني مهدي علي تيراب نائب المك الاداري بمنطقة هبيلا ذات المساهمة المعلومة في تحقيق الامن الغذائي من خلال انتاج الحبوب ، يقول تيراب ان المنطقة التي يقطنها اكثر من (38) الف نسمة تعاني من نقص حاد في مياه الشرب وباتت تعتمد على (5) مضخات يدوية وذلك منذ فبراير الماضي وهو التاريخ الذي جفت فيه كافة الحفائر بسبب عدم اعادة تأهيل الجداول التي تغذي هذه الحفائر ووقعت معاناة توفير احتياجات الاسرة من الماء على المرأة التي تضطر في بعض الاحيان للبقاء اربعة ايام بموقع المضخة لتحصل على بعض حاجة اسرتها وبمنطقة ابوعنبج الكواهلة جنوب كوستي عانى الاهالي الامرين اذ تحدث ( للصحافة) علي عبدالباقي عبدالباري قائلا ان الوضع المأساوي الذي يعيش فيه كان مذريا خاصة ابان فترة الجفاف عند جفاف الحفائر اذ يضطر الاهالي الى استخدام الدواب لجلب مياه الشرب من النيل الابيض في رحلة الثلاثين كيلو مترا، مؤكدا انهم طرقوا كافة ابواب المسئولين ليتجهوا بعد امتداد حالة اليأس الناجمة عن التجاهل الى الخيرين في المنظمات والمؤسسات، مثمنا علي الاسهامات المقدرة من الشركة السودانية للاتصالات ومنظمة سقيا الخيرية اللذين عملا على تأهيل الحفير واختزال رحلة الثلاثين كيلومتر الى اثنين فقط.وفي شمال كردفان تبدو ملامح البؤس الناجم عن العطش اكثر بروزا إذ حدثني يوسف ادريس من بلدة ابوسعد محلية ام روابة عن العطش الذي ظل يشكل ابرز ملامح المنطقة للخمسين عاما الماضية اذ تمتد هذه المعاناة لتاريخ اليوم حيث تعتمد القرية على التناكر في جلب المياه من ترعة الرهد التي تبعد اكثر من 20 كيلومتر احد ، التنكرين وفرته الولاية فيما قامت منظمة خيرية بتوفير التنكر الآخر ويقول المهندس عبدالغني عطاالمولى مدير مياه الريف بمعتمدية أم روابة إن خدمات المياه بالمعتمدية تحتاج لمجهود ولتضافر الجهود خاصة ان عدد سكان المعتمدية يبلغ (725) الف نسمة.في ولاية القضارف التي تعتبر اهم مزرعة بالبلاد لانتاج الحبوب الغذائية تبدو المشكلة اكثرحدة بعد عدم نجاح تجربة انشاء السدود ممثلة في سد السرف لتعتمد مدينة القضارف على محطتي الشوك والعزازة وترتفع نسبة المعاناة خلال شهور الجفاف مما يضطر السلطات الى اعداد خريطة الامداد المائي للاحياء بالتناوب .أسباب العطشوفقا لرؤية المهندس عبدالغفار محمد عبدالله المتخصص في مجال المياه الجوفية والتي وقفت عليها عندما سألته عن اسباب وقوع مناطق واسعة من البلاد تحت سطوة العطش فان السبب هو انخفاض نسبة المبالغ الموجهة للمياه اذ تتجاوز 1% من اجمالي الناتج المحلي لتترك الدولة هذا الامر للمحليات التي تفتقر للموارد ، مقارنة بدول الجوار التي توجه ما لايقل عن 3% من ناتجها الاجمالي لمياه الشرب مع ملاحظة ان السودان اكبر مساحة من تلك الدول خاصة ان 80% من اهل السودان يعتمدون على المياه الجوفية لتغطية احتياجاتهم واحتياجات ثروتهم اضافة لضعف التمويل فيما يرى المهندس عطاالسيد عبدالواحد الوزير السابق للشئون الهندسية بولاية شمال كردفان ان ايلولة قطاع مياه الشرب لوزارة الري جاء بمردود سالب على خدمات مياه الشرب ذلك ان هموم القطاع المروي كثيرة وتتطلب جهودا متعاظمة خاصة ان العائد القومي من النقد الاجنبي كان مرتبطا بواقع الري ليساهم هذا الوضع في ان مياه الشرب باتت وفقا لاهتمامات الوزارة في الدرجة الثانية ، في وقت كان حري بقطاع مياه الشرب ان يكون مستقلا لمواجهة مشاكل العطش فيما يرى الحاج محمد علي تبن المدير التنفيذي لمنظمة السقيا الخيرية - وهي منظمة طوعية اسهمت في تنفيذ وانشاء (755) مشروع ذي صلة بتوفير مياه الشرب بمختلف ولايات السودان بتكلفة تجاوزت (10) مليار جنيه منذعام 2000-. ان من اسباب العطش الزيادة المضطردة لعدد السكان خاصة ان السودان بات من الدول التي تشهد نموا سكانيا مرتفعا وزيادة عدد السكان تعني المزيد من الاحتياجات كما تعددت هذه الاحتياجات لاستخدام المياه ،فيما يرى بروفيسور فاروق كدودة استاذ الاقتصاد بالجامعة الاهلية والقيادي البارز بالحزب الشيوعي ان توفير مياه الشرب لا يشكل ادنى اهتمامات الدولة والتي جعلت من نفسها مجرد رقيب للحراك المجتمعي ولما وجدت ان الامور تمضي بعيدا تركت الامر للمحليات التي تشكو الموارد المادية ولا تجد غير فرض المزيد من الجبايات لتزيد الشرائح المنتجة فقرا على فقر.ومن الاسباب الاخرى التي فاقمت المشكلة احجام المانحين والمنظمات العاملة في محاربة العطش عن القيام بتأهيل وتشييد الحفائر بسبب مواقف سياسية للحكومة او للقدرة الاقتصادية للدولة في اعقاب تدفق النفط.مآلات العطشيذهب بروفيسور كدودة في حديثه معي عن آثار تجاهل الدولة السالب تجاه مشكلة محورية مثل عدم توفر مياه الشرب تتمثل في هجر الريف ونزوح الملايين للريف بكل ما صاحب ذلك من تجفيف لقاع منتج ذلك أن اهل الريف كانوا شريحة منتجة باتوا يعانون الفقر كما ادت المشكلةالى انتشار النزاعات والتي ارتقت لحالة الاحتراب كما اسهم الغبن الاجتماعي الناجم عن تجاهل الدولة لتوفير الخدمات الى حالة التمرد الراهنة فيما يضيف الهادي عبدالرحيم - باحث اجتماعي - ان عدم توفر مياه الشرب يعني غياب التنمية الريفية وتدني الخدمات العبء يقع على شريحتي المرأة والطفل .الخروج من الأزمة المهندس عبدالغفار محمد عبد الله المتخصص في المياه الجوفية يرى ان الحل يتمثل في قيام الدولة بتوفير مبالغ مالية ضخمة من خلال زيادة نسبة مياه الشرب من الناتج الاجمالى بيد ان المهندس عطاالسيد عبدالواحد يشترط اقران ذلك بقيام وزارة اتحادية للمياه تكون معنية بمعالجة ظاهرة العطش، خاصة ان استشراء العطش هو اكبر مهددات الامن و السلام الاجتماعيين، فيما طالب الحاج محمد علي تبن مدير منظمة سقيا بضرورة قيام الدولة بتخفيض تكلفة انشاء مشروعات المياه، من خلال خفض الرسوم الجمركية على واردات متطلبات قطاع مياه الشرب اضافة إلى انتهاج سياسات مرنة تحفز على العمل في قطاع مياه الشرب.

ليست هناك تعليقات: