الأحد، 13 يوليو 2008


من داخل معسكرات النازحين بدارفور برامج وخطط الأمن الاجتماعي لمفوضية التوطين هل تعيد الثقة المفقودة؟نيالا: بله علي عمر شعور غريب انتابني عندما حطت بنا طائرة البوينج (737) أرض مطار نيالا ظهر الإثنين الماضي، ورغم أن جميع المسافرين كانوا يتحدّثون عن نهج الطيار في كبح عجلات الطائر الميمون بقوة قذفت بجميع الركاب للمقدمة، إلا أنني لم أحس بتلك الرجّة العنيفة، كنت أسرح بخيالي في معسكرات النازحين في كلمة، عطاش، سكلي وموسيي، ومعسكرات دريج والسريف كنت أتحرق شوقاً للوقوف على الدروب المؤدية إليهم، أن أتحدّث إليهم كيف يعيشون؟ وماهية الخدمات المقدّمة إليهم؟ ومن يقدمها؟ وإلى أي مدى هم آمنون داخل هذه المعسكرات؟ كنت أكثر حرصاً للوقوف على التركيبة السكانية لأي معسكر لأن الإجابة على هذا السؤال لها ما بعدها، كما كنت مهموماً بالوقوف على إجابة الناس عن معاني الوجود بالمعسكرات؟ ومآلاته؟ وعن العلاقات داخل المعسكر الواحد ورؤية النازحين لتعاطي الاخرين مع قضيتهم؟كانت البداية مكالمة هاتفية تلقيتها من عادل سنادة المستشار الإعلامي لمفوضية إعادة التأهيل وإعادة التوطين التابعة للسلطة الانتقالية التنفيذية لإقليم دارفور-وهي احدى المفوضيات الست التي تقوم عليها اتفاقية أبوجا- وقد تضمّنت المكالمة التي تلقيتها قبل نحو عشرة أيام الدعوة لحضور وتغطية كرنفال زواج (600) شاب وشابة من أبناء المعسكرات، والذي تقيمه المفوضية بنيالا حاضرة الإقليم بحضور المهندس إبراهيم مادبو رئيس المفوضية ظهر الثلاثاء الثالث عشر من نوفمبر الجاري أمام مقر فرع المفوضية بحي المطار شرقي نيالا.. وقبيل الوقوف عند معاني كرنفال الزواج وتفاعل أهل المعسكرات معه أحاول استصحاب القارئ الكريم في جولة بالمعسكرات بهدف وصف المعسكرات والبحث عن الإجابة الشافية من الأهالي لما طرحناه من أسئلة:معسكر السريف يقع على بعد (18) كيلو متراً إلى الجنوب من نيالا، ورغم أن الطريق إليه يبدو سالكاً إلا من وجود وادٍ كثيف الرمال تعاني المركبات جهداً شاقاً لاجتيازه لتتجه غرباً لبضعة كيلو مترات ثم تتجه السيارات شمالاً حتى تلوح في الأفق مشمعات المنازل، وقد انكسر عندها ضوء الشمس لتبدو من بعيد أنها تخفي عن ما يعتمل بداخلها وبما في نفوس أهلها، تبقى شاهد عصر عن فظاعات ارتكبها البعض هنا وهناك ليدفع ثمنه هؤلاء البؤساء، ورغم أن المعسكر تحت حماية الحكومة شأن كل المعسكرات حول المدينة إلا أنك تشعر بحالة من عدم التجانس بين الموقع والسكان، وداخل المعسكر الذي زرناه في معية شباب مفوضية إعادة التأهيل وإعادة التوطين الذين جاءوا وفي معيتهم (175) شنطة لزواج (350) من شباب المعسكر ورغم أن تفاعل الأهالي كان حاداً، حيث انطلقت زغاريد الفرح لأول مرة داخل المعسكر، كما حدثني أحدهم إلا أنني أقسم بأن شيئاً من حتى جعل زغرودة النساء النازحات قد جاءت مشروخة وأن ثمة مرارات تمنع انطلاقتها على النحو الذي نألفه من الأخوات والأمهات في دارفور.. تباين المشاعر التي أحسستها دفعتني لجر حسن محمد محمود شيخ معسكر السريف بعيداً عن الحفل والضجيج بتوزيع شنط العرسان، قلت للشيخ حسن محمد محمود حدثني عن المعسكر، عن حالكم وظروف عيشكم هنا؟ فقال عدد النازحين معسكر السريف وفقاً لبطاقات توزيع الغذاء (13082) غير الأطفال الذين ولدوا بعد نشأة المعسكر في 2004، وينتسب سكانه لأكثر من (20) قبيلة، والأمن داخل المعسكر جيد، ولكن هنالك انفلات يواجهه المواطنون الذين يخرجون للاحتطاب، وقد طالبنا الشرطة والاتحاد الأفريقي بوضع حدّ للانتهاكات التي تواجه سكان المخيّم الذين يعتمدون على الاحتطاب، وأثناء حديثي لشيخ معسكر السريف جاء أحدهم وقدّمه لي الشيخ قائلاً هذا أحمد محمد إبراهيم نائب شيخ المعسكر والذي تحدّث عن معاناة السكان قائلاً إن منظمة هيدميديكا تقوم بتقديم أسباب الرعاية الصحية كما أقامت (18) فصلاً دراسياً للتلاميذ، وهنالك فاقد في عدد المعلمين.. سألت نائب شيخ معسكر السريف: «ماذا يعني وجود (20) قبيلة داخل المعسكر»؟ فقال وما الغريب في ذلك؟ ماضياً للإجابة ما يجري في دارفور ليس صراعاً قبلياً وإن كانت هناك تماس بين بعض القبائل، لكنه ليس السبب الرئيسي للحريق، حريق دارفور سببه غياب التنمية وهي السبب الرئيسي لبروز الحركات المسلحة، وعلى الحكومة والحركات الجلوس لبحث الأمر وتوفير الأمن للمواطنين حتى يعودوا لقراهم بعد توفير أسباب الأمن والتعويض المجزي وقبيل صعودي للعربة في طريق المغادرة شعرت بأن أحدهم يشدني للخلف التفت ووجدته شيخاً قد تجاوز العقد السابع فذهبت حالة التوجس التي انتابتني قلت له مرحباً فقال بلهجة حنينة عرف بها أهل دارفور: «قل لولاة الأمر إن الناس هنا قد دفعوا الثمن غالياً وآن لهم أن يرتاحوا وأن يفرحوا وأن يطمئنوا على فلذات أكبادهم، لأن ما ملكت أيديهم قد ذهب أدراج الحريق، وقل لإبننا مني أركو مناوي لا تدع مكتسبات أبوجا لصقور الخرطوم الذين يرون في مغازلتك للحركة الشعبية والحركات المسلحة الفرصة في تهميش دورك داخل القصر خاصة أن اتفاقية أبوجا قد أسهمت كثيراً في تحسن الأوضاع». ودّعت عجوز الثمانين بعد أن وعدته بنقل حديثة.تواصل طواف وفد مفوضية التأهيل وإعادة التوطين لتوزيع النشط لعرسان كرنفال الزواج لشباب المعسكرات ليشمل مربعات (7) و(8) من معسكر كلمة إضافة لمعسكر سكلي وعطاش.. ومن الأخير التقت (الصحافة) الشيخ محمد أحمد عبدالرحمن شيخ المعسكر الذي تحدّث قائلاً: «عدد سكان المعسكر (72) ألف نسمة منهم (62) ألف مواطن لديهم بطاقات (wfp) التي تخوّل لهم الحصول على الغذاء والعشرة آلاف هم الأطفال المولودون بعد إصدار البطاقات وعليه فإن المطلوب تضمين هذا العدد في حصص الأغذية كما أن عدداً كبيراً من سكان المعسكر يفتقدون للمأوى من المشمعات والخيم، وقد أدت أمطار العام الماضي لانهيار كافة المدارس بالمعسكر وتحوّل التلاميذ في سن الدراسة لفاقد تربوي وعدد هؤلاء داخل المخيم يتجاوز السبعة آلاف وعليه فإننا نناشد الحكومة والسلطة الانتقالية بجميع مفوضياتها معالجة هذه القضية خاصة أن الأطفال باتوا يمثلون كل شيء، فيما طالب عبدالعظيم علي بحر رئيس شباب المعسكر بتوفير فرص العمل لأبناء المعسكر، مضيفاً أن انعدام الثقة في السياسيين قد أسهم في مضاعفة المشكل، قلت لشيخ معسكر عطاش أنتم الآن داخل المعسكر حيث يقدّم لكم الغذاء والكساء دون تعب، فهل أنتم مستعدون لاستبدال هذا بالعودة للقرى فقال محمد أحمد عبدالرحمن شيخ معسكر عطاش إذا وفّرت لنا أسباب الحياة الكريمة بقرانا من نواح أمنية وتعويضات إضافة لتأهيل خدمات المياه والصحة فسوف تتحوّل كل المعسكرات غداً لصحراء ينعق فيها البوم.. فالناس مرتبطون بأرض الأجداد حيث الكرامة وكريم القيم والأصول وشدد شيخ عطاش على ضرورة مشاركة النازحين في السلطة الإنتقالية بمفوضياتها كافة، ورغم أن النسيج الاجتماعي راسخ ومتماسك، فإن المطلوب تعضيده نشر وترسيخ ثقافة السلام.. وقال عبدالعظيم بحر إن الأهالي باتوا يمتعضون من وصفهم بالنازحين.. وقالوا إن هذه المفردة باتت تثير الاستياء، خاصة وأن أهل دارفور من النازحين أهل حضارة ضاربة في جذور التاريخ الإنساني في ظهر الأربعاء كان كرنفال الزواج الجماعي إذ احتشد أهالي العرسان من كل المعسكرات أمام مفوضية إعادة التإهيل وإعادة التوطين، حيث زفوا أبناءهم، وجاء تفاعل أهالي المعسكرات مع كلمات المهندس إبراهيم محمود مادبو رئيس مفوضية إعادة التوطين الذي أكد أن المفوضية تعمل جهدها لأجل تخفيف مأساة النازحين بالمعسكرات، وقد بدأت ذلك التوجه عبر برامج الأمن الاجتماعي والذي كانت أبرز ملامحه كرنفال الزواج الجماعي الذي اشتمل على (600) زيجة بمساهمة من وزارة الرعاية الاجتماعية والاتحاد الوطني للشباب السوداني.. ومضى مادبو للقول إن المرحلة المقبلة ستشهد العديد من مشروعات التنمية المستدامة عبر التنمية الشعبية المضاعفة والتي ستكون إحدى أدوات جذب المواطنين لقراهم بعد توفير أسباب الأمن بالقرى وفي ربوع دارفور كافة أكد رئيس مفوضية إعادة التإهيل وؤعادة التوطين أنهم يتوقعون تدافعاً ومساهمة فاعلة لمؤتمر جدة تمكنهم من تنفيذ مشروعاتهم وبصورة تمكّنهم من توفير قروض ميسّرة للشباب، وكشف مادبو أن الغرض من برنامج الأمن الاجتماعي هو بناء الثقة بين الجميع خاصة وأن زياراته قد كشفت له أن هنالك ثقة فيما يقدمونه.وتبدو الثقة في المفوضية أكثر وضوحاً في الجلسات التي عقدها مادبو مع وفود المعسكرات الذين تدافعوا للجلوس إليه، ورغم بروز العديد من مؤشرات التفاؤل التي بذرتها جهود الرجل طيلة الحقبة الماضية وتكاد تؤتي أكلها في تفكيك أوصال الأزمة مع سكان المعسكرات كما حدثني أحد الشيوخ، فإن ما يجري بالخرطوم ينسف الآمال، فقلت للرجل وماذا يجري بالخرطوم ليبادرني بالتساؤل ولماذا لم يأت مني وهو الذي يتحيّن الفرص للقاء أهله بدارفور؟ فقلت له ليتك تحدثني فقال إن مني يشعر بالمرارة الناجمة عن التهميش بالقصر وإذا اضطر الرجل للخروج هذه المرة فستكون تبعات ذلك أخطر وأشد، خاصة أن المتربصين بالبلاد يحلمون بخروجه.. وهنا تذكرت حديث الشيخ ذي السبعين، والذي ناشدني نقل وصيته لمني فليت كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئاسة الجمهورية عالجوا الموقف وعضوا على أبوجا بالنواجذ، ويكفي المخاطر الناجمة بين الشريكين الرئيسيين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية...

ليست هناك تعليقات: