الأحد، 13 يوليو 2008

" الناس " في بلدي يصنعون الفقر

الناس" في بلدي يصنعون الفقر
تحقيق_ بله على عمرعقد مجلس الوزراء إجتماعه الدورى برئاسة السيد / رئيس الجمهورية ، تداول فيه تقريراً حول جهود مكافحة الفقر فى السودان ، قدمته الأستاذة / سامية أحمد محمد وزيرة الرعاية الإجتماعية وشؤون المرأة والطفل ، التقرير تناول مفهوم الفقر ووسائل قياسه .. وانتهى إلى أن 27% من الأسر تعيش فى مستوى معيشة عالِ و35% من مستوى معيشة منخفض(12/11/2006م).ترى من أين جاء " ناس" الحكومة بهذه الأرقام؟! والتي سوف تشكل الركيزة التي تعتمد عليها الدولة في وضع استراتيجيتها لمحاربة الفقر تماشيا مع اهداف العالم التي وضعها حين تنادى الى قمته الالفيه، والقاضية بخفض معدلات الفقر الى النصف بحلول 2015م (اي بعد حوالى 8 أعوام مما تعدون) .
و يقبع السودان بين الدول - الأشد فقرا- او بعبارة اكثر تهذيبا الاقل نموا على نطاق العالم ، حيث لا يزيد متوسط دخل الفرد السنوي عن400 دولار امريكي (اي حوالي دولار في اليوم) ويرزح تحت وطأة دين خارجي يناهز الـ (27) بليون دولار (تقرير السياسات الاقتصادية للحد من الفقر- الحالة السودانية نموذجا) برنامج الأمم المتحدة للإنماء للعام الحالي 2006 . وتقدر وتناظر أحدث البيانات الصادرة عن "المجلس القومى للتخطيط الاقتصادى" في 2006م، مستوى ناتج إجمالى حقيقى للفرد (بأسعار 04 / 2005) أقل من700 دولار في عام2006. وفقا لبروفيسور ابراهيم احمد ابراهيم الخبير الاقتصادي والديمغرافي بوزارة الرعاية الاجتماعية. أما في تصنيف البنك الدولي لقياس درجة الفقر عند الدول فيحتل السودان المرتبة الـ 143 من مجموع 174 دولة ، بمعني اخر يقع بكل خيراته التي في ظاهر الارض و باطنها ! ضمن افقر ثلاثين دولة في العالم , واورد تقرير لديوان الزكاة الاتحادي ان 90% من السكان يعيشون في حالة كفاف في حدها الأدنى (30.000) دينا ر سوداني لاسرة مكونة من 5 افراد حيث قدم الديوان الدعم لحوالي 1,8 مليون اسرة وفرد تمثل 25- 3% من السكان عبر برامج التعليم و الصحة والمياه وشروعات سبل كسب العيش.كيف يصنع الفقر؟بالرغم من ان السودان يفتقر وبشدة لوجود قاعدة بيانات رسمية يمكن الركون اليها الامر الذي يعيق دراسة وتقييم (الفقر وعدم العدالة) وفقا للوزارة الا ان برنامج الأمم المتحدة للإنماء فى تقريره السابق لعام2006م يعتمد على قاعدة البيانات المتاحه وهي تعداد 1993 وعلى الارقام التى توردها الدولة في تقاريرها المختلفة ومما يرد اليه من بقية اذرع منظمة الامم المتحدة والمنظمات العامله فى البلاد في تماس حقيق مع الفقر فى شتى مناحيه. وكان قد نص في تقرير سابق على أنه: "يتعين فهم الفقر المستشرى فى السودان على أنه نتاج لعمليات هيكلية مركبة تقع فى عمق الاقتصاد السياسى للبلد. ويمثل التعرف على الأسباب الرئيسية لنشأة الفقر فى هذه التركيبة المعقدة متطلباً ابتدائياً لصوغ استراتيجية فعالة للقضاء عليه. " ولبرنامج الأمم المتحدة للإنماء - الخرطوم مكتب العمل الدولى دراسة بعنوان"نحو القضاء على الفقر فى السودان"- تضمن تحليلا لقصور القدرة البشرية وأساس لاستراتيجية -مايو 1998 بالإنجليزية .فهذا الفقر المستعصى يمثل الفشل النهائى لجهد التنمية ولأى نسق اقتصادى. علما بان السبب الأساسى للفقر فى السودان يمكن أن يوجز فى فشل استراتيجيات التنمية التى طُبقت منذ الاستقلال، بما فى ذلك التغيرات الاقتصادية الكلية التى أدخلت حديثاً. وقد عمّق من تبعات هذا الفشل عبء الكوارث الطبيعية والحرب الأهلية. وأسفر هذا المزيج السيئ عن وجهه فى قلة تراكم رأس المال بأنواعه الأربعة: البشرى والمادى والمالى والاجتماعى، وفى تفاوت قدرة البشر على التوصل إليه." فالحرمان من أنواع رأس المال المختلفة يؤدى إلى ندرة فرص العمل المنتجة والمكسبة" ويترتب عليه، نهاية، مستوى منخفض من الرفاه الاجتماعى. وقد كان أحد الجوانب المهمة لهذا الفشل التنموى هو إهمال الاقتصاد الريفى التقليدى فى الأقاليم المترامية للبلد الشاسع كنتيجة للتحيز لمصلحة المركز- وبوجه خاص مصالح النخب الحاكمة (المتغيرة) تحت أنظمة الحكم المختلفة. د.محمد هاشم عوض في قراءته خلفية الفقر فى السودان (1997 ) يرى ان:"تعاقبت على السودان فى مدى أربعة عقود من الاستقلال ثلاثة أنظمة مدنية وثلاثة أنظمة عسكرية ... وتحت كلا النوعين من الحكومة جنت المجموعات المفضلة غالبية المنافع، وكان المستفيدون فى الأغلب قرب مركز القوى فى الخرطوم، وتشكل المفضلون أساساً من كبار المسؤولين الإداريين فى الحضر ورجال الأعمال، برغم أن الأشخاص المحظوظين كانوا يميلون للتغير مع كل نظام حكم. ... وقد كانت النتيجة إعادة توزيع الثروة لمصلحة النخبة الحضرية". يؤيد ذلك تفرير منظمة الشفافية الاخير الصادر في اكتوبر من العام 2006 الذي يذهب الي ان " وسطاء الفساد يواصلون مساندة النخب السياسية الحاكمة في غسيل الاموال وتخزينها والاستفادة من الثروات التي حصلوا عليها دون وجه حق والتي كثيرا ما تتضمن نهب اصول الدولة "لقد ساهم تحكم الدولة فى التنمية فى إبطاء النمو الاقتصادى من خلال إشاعة قلة الكفاءة وتحريف هيكل الأسعار النسبية. "مما ساعد على تفاقم الفقر. فنتيجة لتقليص الإنفاق العام بقيت الخدمات الأساسية قاصرة، بل تدهورت. ولم يؤد بيع المشروعات العامة إلى القطاع الخاص بالضرورة إلى تحسن واضح فى الكفاءة، ولكن نجم عنه أسعار أعلى، مما أحلّ احتكاراً خاصاً محل الاحتكار الحكومى وفى ظل والتضخم المنفلت، انتشرت البطالة وانخفضت الأجور الحقيقية. إن فرص القضاء على الفقر فى ظل صنف التكيف الهيكلى الجارى الآن فى السودان ليست كبيرة. إذ تؤدى إعادة الهيكلة الرأسمالية، تحت منطق التكيف الهيكلى السائد، إلى إقامة رأس المال الخاص باعتباره المحرك الأساسى للنشاط الاقتصادى. وتدعو هذه الذهنية إلى محاباة رأس المال على حساب العمل. وغنى عن القول إن من يمتلكون رأس المال فى مجتمع فقير أقلية صغيرة، على حين يمثل الكسب أو الدخل من العمل المصدر الرئيسى لعيش الغالبية الساحقة من السكان. ويتمخض عن محاباة رأس المال الكبير فى ظل تشوهات السوق (قيام حواجز أمام الحصول على المعلومات، والدخول إلى الأسواق، والمنافسة الكاملة مثل الإجراءات المعقدة، والمحاباة، والفساد وبالذات فى سياق الركود الاقتصادى، انتشار البطالة واتساع مدى الفقرغول التضخموفى منظور الفقر فى السودان، وفقا لصندوق النقد الدولى ، كان التضخم الفائق من أهم محددات تردى الأداء الاقتصادى ومستوى المعيشة على حد سواء واوردت الدراسة السابقة انهوبدءاً بمطلع السبعينيات ارتفعت تكلفة المعيشة فى الخرطوم الكبرى- مقاسة بأسعار المستهلك- إلى عشرة أضعاف فى عام 1983، وإلى مائة ضعف فى عام 1989، وإلى ألف ضعف فى عام 1993، وإلى خمسة آلاف ضعف فى عام 1995، ثم إلى- المستوى المذهل- 11263 ضعفاً فى عام 1996. وهكذا تردَّت القيمة الشرائية للعملة السودانيةإلى حوالى جزء من اثنى عشر ألف من قيمتها عبر ربع قرن فقط. بعبارة أخرى، لا تتمتع اثنى عشر ألف من الجنيهات الحالية بالقوة الشرائية التى كان يمتلكها جنيه واحد فى مطلع السبعينيات. وعبر ربع القرن نفسه تدهور معدل تبادل الجنيه السودانى، فى مقابل الدولار الأمريكى، بأكثر من خمسة آلاف مرة. وقد قفز معدل التضخم السنوى قفزة كبيرة خلال الفترة 1988-1989 وتعدى المائة خلال الفترة 1991-1994. وأمكن تقليل معدل التضخم السنوى فى عام 1995 إلى مستوى يناظر ما ساد فى الثمانينيات الأخيرة- إلى أقل من 70%. ولكن هذا النجاح الوقتى تبعه أعلى معدل تضخم على الإطلاق فى عام 1996 (135%) حسب صندوق النقد الدولي ووفقا لرؤية الدكتور محمد التجاني الخبير الاقتصادي فان دور الدولة الخادمة في مجال التوظيف قد تراجع فى وقت كانت فيه المخدم الرئيس ، كما ان سياساتها منذ بواكير عهد الانقاذ وعند تراجع العون الاجنبي عمدت علي الاعتماد علي الذات مما تطلب فرض العديد من الرسوم والجبايات علي القطاعات المنتجة مما ضاعف تكلفة الانتاج الصناعي والزراعي وادي لتوقف اكثر من 60% من المصانع العاملة . كما تخلت الدولة عن توفير مدخلات الانتاج الزراعي جعلت القطاع المصرفي يبحث عن عمليات سريعة العائد تدخل في مجال التمويل مقابل نسبة مرابحات عالية .الخدماتيمثل الحرمان من التعليم ومن الرعاية الصحية أول مراحل الحكم على البشر بالفقر. والمؤكد أن قلة التحصيل التعليمى ترتبط بقوة بالفقر. أما المرض فهو نفسه أحد تجليات الفقر. ومن ناحية أخرى، فإن التمتع بصحة جيدة يساوى القدرة على العمل. ولهذه القدرة أهمية خاصةً بالنسبة للفقراء الذين عادة ما يعملون فى أنشطة مرهقة جسدياً. وحيث يمثل الكسب عماد عيش الغالبية العظمى من الفقراء، فإن المرض يؤدى إلى تفاقم الفقر نتيجة الحرمان من الكسب. حسب ما اشار اليه برنامج التنمية البشرية للامم المتحدة لهذا العام. ويُقدَّر أن الفقر فى المناطق الريفية قد اتسع وتعمق وزادت شدته فى التسعينيات. ولكن- على هذه القياسات الثلاثة- يُقدَّر أن الفقر فى المدن الحضرية قد تحسن قليلاً- وهى نتيجة لا تتسق مع التطورات الاقتصادية فى التسعينيات. ومع ذلك تبقى النتيجة النهائية أن الفقر منتشر، وعميق، وشديد فى شمال السودان ناهيك عن جنوبه. وتشير الدلائل المتاحة إلى تفاقم الفقر على هذه المحاور الثلاثة فى التسعينيات، خاصةً فى المناطق الريفية. وكما ذُكر قبلاً، فإن الدلائل الاقتصادية الكلية تنحو نفس الاتجاه.وبأرقام عام 1993، يُقدَّر أن حوالى 15 مليون من سكان شمال السودان- البالغ عددهم 20.4 مليون نسمة- فقراء، وبينهم 6.2 مليون شديدى الفقر ويُقدر أن أقل من مليون نسمة كانوا أغنياء نسبياً. وتقتصر حالة الفقر الشديد على الريف. وبتضمين شديدى الفقر، يُقدَّر أن المناطق الريفية ضمت أكثر من 12 مليون فقيراً. ووفقا لذات التقرير يُقدَّر أن حوالى ثلاثة أرباع السكان فى شمال السودان من الفقراء، وأكثر من 30% شديدى الفقر، بينما يقل الأغنياء عن 5%. ويسود الفقر- خاصةً الفقر الشديد- لدرجة أعلى فى المناطق الريفية بينما يقيم كل الأغنياء تقريباً (حوالى 90%) فى المناطق الحضرية. وكل الفقر فى المناطق الحضرية تقريباً من الصنف الأخف (يكاد لا ينتمى أحد من فقراء المدن إلى فئة شدة الفقر). هذا على حين يقدر أن حوالى 45% من سكان الريف شديدى الفقر. وإذا أضفنا إلى تقييم مدى الفقر فى الشمال تخميناً للأحوال فى الجنوب، وهى لا بد أسوأ، وكثيراً ما تقارب الكوارث الحالّة، لاتضحت فداحة الفقر فى عموم السودان.ويقدر برنامج الأمم المتحدة للإنماء أن متوسط سنوات التعليم للفرد من السكان فى السودان عام 1992 كان 8 سنة فقط (برنامج الأمم المتحدة للإنماء، 1994، بالإنجليزية). وبالمقارنة بمتوسط البلاد الأقل نمواً أو أفريقيا جنوب الصحراء- ويوازى كلاهما 1.6 سنة- ومتوسط 3.4 سنة لمجمل البلدان العربية، يبدو مستوى التحصيل التعليمى فى السودان غاية فى التدنى. وينجم التحصيل التعليمى المنخفض للسكان عن قلة الالتحاق بالتعليم. وحسب تعداد السكان (1993) لم يلتحق 41% من السكان- البالغين من العمر 6 سنوات أو أكثر- فى شمال السودان- بالتعليم على الإطلاق. وفوق ذلك، يوثق التفاوت حسب النوع والإقامة (ريف/حضر) مستويات عالية من الحرمان من التعليم بين الإناث وسكان الريف. ومازال الالتحاق بالتعليم شديد الانخفاض بين الأجيال الأصغر سناً. فتدل نتائج تعداد السكان على أن 60% فقط من الأطفال فى سن التعليم الابتدائى كانوا فى المدارس وقت التعداد (63% من الصبية و54% من البنات). ويعنى هذا أن انخفاض معدلات الالتحاق يزيد من شدة مشكلة الأمية. غير أن نوعية التعليم هى المشكلة الأخطر، والأكثر استعصاء، بالمقارنة بكم رأس المال البشرى. ورغم ندرة المعلومات، يُتوقع أن تكون نوعية التعليم منخفضة، ويحتمل أن تكون فى تدهور، لأسباب متعددة.كلام الوزارةبروفيسور ابراهيم أحمد ابراهيم الخبير الاقتصادي والديموغرافي بالرعاية الاجتماعية قال مدافعا عن التقرير الذي تداول حوله مجلس الوزراء "ان التقرير قد تحدث عن مستوى المعبشة في اطار اعتبار ان السودان دولة فقيرة لو عمدت السلطات الي تقسيم الناتج الاجمالي بالتساوي يصبح نصيب الفرد دولارين في اليوم اي اننا نكون قد وزعنا الفقر . بينما المطلوب تحقيق رفاه اجنماعي لاكبر عدد من السكان لذلك هذا القياس ليس قياسا نقديا ولا مطلقا انما هو قياس بمستوي المعيشة ! او ان شئت مستوي الحرمان الاجتماعي ! لان ذلك هو القياس الذي تمكن من رسم السياسات في حالة الفقر الجماعي المتأصل . ويواصل بروفيسور ابراهيم "اذا كان الفقر بنسبة 90% فلن تكون هناك اي رسالة ارسم السياسات عند متخذ القرار غير استهداف الاغنياء اي اخذما عندهم وتوزيعه على الفقراء. ووصف مسح الامومة - مثار الجدل- بانه استصحب محددات الفقر وليس الفقر بذاته!"ان الحديث عن حل المشكلة وتضخيمها لا يعطي حلا ولكن الحل يبدا بانتهاج سياسة واسعة تنطلق من الاطار الكلي لمكونات النمو والتوزيع وادارات المخاطر نهاية بتقديم خدمات التعليم والصحة والمأوي وعلى الصحاففة ان تنتقل من حالة التحريض والاثارة بارقام الفقر الفلكية الى حشد ارادة الناس وتوعيتهم بكيفية التصدى لمعالجة جذور الفقر "

ليست هناك تعليقات: