الثلاثاء، 15 يوليو 2008

النسيج السوداني لعنة سامنة ام اهمال دائم؟


تراجع الإنتاج من «168» مليون إلى «8» ملايين ياردة
شهدت مناطق ود النور، والشكابة، وود عشا، وحلة حسن، وعووضة، ومارنجان، وود ازرق والبرياب وغيرها من القرى الواقعة على الضفة الغربية للنهر الحالي جنوب مدينة ودمدني، نوعاً من الاستقرار الاجتماعي الناجم عن قيام مجمعات النسيج بود مدني.. هذا على مستوى القرى وعلى مستوى مدينة ودمدني فقد شهدت حراكا اقتصاديا ملموساً.. اكثر من «10» آلاف وظيفة وفرتها مصانع النيل الازرق ومدني والهدى.. امر ليس بالسهل انها بلغة الارقام تعني انتاج اكثر من «70» مليون متر في العام فاشتهرت المنتجات من ثياب الاصيل ومودة وغيرها التي نافست اجود المنتجات السويسرية.. وفوق هذا وذاك فان التجربة اكدت امكانية تحقيق الاستراتيجية التي رمى لها الاقتصاديون في تصنيع كل الاقطان السودانية وان هي الا سنوات فاذا بالانتاج يتراجع من «168» مليون ياردة في 1987م إلى «8» ملايين ياردة في 2000م!! ماذا اصاب قطاع النسيج هل من عودة لسابق مجده... «الصحافة» تتلمس دروب الاجابة من خلال ملف النسيج.
تحقيق/ بله علي عمر تصوير : ابراهيم حامد
جهات حكومية ترفض قرار مجلس الوزراء بالشراء من الإنتاج الوطني رغم جودته
وعود عرقوب!
يقول محمد ابراهيم كبج الاقتصادي المعروف إن انهيار قطاع النسيج بالبلاد هو نتيجة حتمية للسياسات الاقتصادية التي انتجتها الدولة مضيفا ان تكلفة الانتاج قد تضاعفت مرات عديدة بسبب جنوح الدولة للتحصيل من خلال ارتفاع قيمة الضرائب والرسوم المتعددة على الصناعة في وقت اغرقت فيه الاسواق بالسلع الواردة من الاقمشة.
ويمضي كبج ان استهلاك البلاد من المنسوجات في عام 1999م كان حوالي «200» مليون ياردة وعلى حسب الخطة العشرية للحكومة 92/2002م كان من المفترض انتاج «800» مليون ياردة حتى يتمكن السودان من تصدير ثلاثة اضعاف استهلاكه ولكن تقرير بنك السودان لعام 2000 وفي صفحته رقم «52»، اشار الى ان انتاج النسيج في ذلك العام بلغ «8» ملايين ياردة أي «1%» من المستهدف في الخطة العشرية ويقول كبج «اختيار ذلك العام ليس تعسفا اذ ان جملة انتاج النسيج في السنوات 96/2000م بلغت «9%» من الرقم المستهدف.
* بين الامس واليوم
وفي مقارنته عن واقع الانتاج بين الامس واليوم كشف كبج ان جملة انتاج البلاد من المنسوجات في 86/1987م «قبل الانقاذ» بلغ «168» مليون ياردة وه ي اقرب انتاج لحاجة البلاد ينتج بأيدٍ سودانية تراجع ذلك إلى «8» ملايين ياردة في 2000م وعن قطاع النزول وكما جاء في ذات تقرير بنك السودان فقد بلغ جملة الانتاج الوطني «700» طن، وهذا ليس انتقاءً تعسفيا اذ ان جملة انتاج الغزل خلال 96/2000م بلغت «6» آلاف طن وكان متوسط الانتاج قبل الانقاذ يتراوح بين «11- 13» ألف طن للعام الواحد.
* بين الملابس المستعملة والاسمدة!
ويقول كبج إن انهيار قطاع النسيج كان له مردوده السلبي على القطاعات الاقتصادية كافة الاخرى اذ جعل اموالا ضخمة يتم توجيهها لاستيراد الاقمشة والمنسوجات بدلا من توجيهها على مدخلات الزراعة فقد بلغت جملة واردات الانسجة للبلاد في العام 1999م «43» مليون دولار ارتفعت الى «61» مليون دولار في 2000 وتقول ارقام العرض الاقتصادي لبنك السودان ان جزءاً معتبراً من هذا المبلغ استجلبت به ملابس مستعملة لا تتطابق والمواصفات وقد بلغت جملة الملبوسات الجاهزة عن السنوات الثلاث 98/2000م «61» مليون دولار كما تم استيراد اقمشة من حرير صناعي بمبلغ «38» مليون دولار وذلك في وقت بلغت فيه واردات الغزال «5» ملايين علماً ان السودان الدولة الزراعية استورد اسمدة عن السنوات الثلاث بقيمة «7» ملايين دولار.
* الاصيل.. مودة والقدرة على المنافسة
المهندس فيصل محمد البشير المدير العام لنسيج النيل الازرق وهو من المصانع الكبرى بالبلاد طاقته «63» مليون ياردة يوفر اكثر من «4» آلاف عامل وظل ينتج افضل المنتجات وعلى رأسها ثياب «الاصيل والمودة التي نافست الثياب السويسرية الشهيرة يقول مدير عام نسيج النيل الازرق ان ارتفاع تكلفة الانتاج وعدم ايفاء الحكومة لتسديد مديونيتها للمصنع التي بلغت «3» مليار جنيه في المواقيت المناسبة كل ذلك ادى لتوقف المصنع نهائيا قبل 3 سنوات.
* المشتروات الحكومية من الملبوسات
وطالب المهندس فيصل محمد البشير بضرورة مراجعة السياسات ان كانت الدولة تريد عودة قطاع النسيج لسابق عهده، مشيرا الى ان تقانة النسيج الموجودة بالبلاد حديثة وقادرة على انتاج اجود انواع الاقمشة القادرة على التنافس مطالبا بضرورة ان تغطي المشتريات الحكومية من الانتاج الوطني كما تفعل كل دول العالم وكشف فيصل البشير ان توجيه المؤسسات الحكومية بالشراء من الانتاج الوطني لا يتناقض وقوانين منظمة التجارة العالمية.
وكشف فيصل ان صناعة النسيج في السودان ورغم توفر كل مقومات نجاحها الا انها تكابد مشاكل حقيقية تتمثل في القطوعات المتواصلة في الامداد الكهربائي ذلك اضافة لارتفاع تكلفة الكهرباء وفي مقارنة لاسعار الكهرباء والفيرنس بين السودان ومصر قال ان الكهرباء في السودان تبلغ «4» اضعاف اسعار الكهرباء بمصر كما ان اسعار الفيرنس «7» اضعافه بمصر.
* الاغراق.. الاغراق.. وراء الازمة
دكتور التجاني مصطفى الرئيس السابق للجنة الصناعة بالمجلس الوطني قال ان صناعة النسيج في السودان تواجه مشكلات كبيرة تتمثل في اغراق السوق بمنتجات لا تتفق مع المواصفات العالمية وهناك قطوعات الامداد الكهربائى - وقال دكتور التجاني ان هناك جهات في الحكومة تترك منتجات النسيج الوطنية التي تضاهي اجود الانواع العالمية- لتذهب وتشتري انتاجاً بديلاً من دول اخرى بملايين الدولارات مطالبا المجلس الوطني ان يلعب دوره الرقابي وتسليط الضوء على هذه القصة.
* بلاش نسيج!!
دكتور قاسم بدري «جامعة الاحفاد» وأحد المهتمين بملف الزي الجامعي له رؤى مغايرة لكل الذين سبقوه في الحديث فهو يرى ان السودان لن ينجح في مجال صناعة النسيج لان هذه الصناعة تحتاج لعمالة مدربة ولها المقدرة على الاستيعاب ويرى ان العامل السوداني غير مؤهل ولن يعمل وفق التدريب.
ويضيف دكتور قاسم ان سياسة الدولة خاصة السياسة الاقتصادية وواقع البنى التحتية في الكهرباء وغيرها يؤديان الى ارتفاع تكاليف الانتاج كما ان العقلية الاقتصادية السودانية تقليدية لا تولي التحديث الاهتمام المطلوب واختتم دكتور قاسم حديثه قائلاً «إذا كان هناك دعم فالمطلوب دعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني فالزراعة لا تحتاج لتكنلوجيا معقدة.
* هذه الوصفة
المهندس عصام محمد الحاج «تخصص نسيج» قال ان حل مشكلات قطاع النسيج ليست مستحيلة بل سهلة تتمثل في اعفاء القطاع من ضريبة القيمة المضافة باعتبارها ضريبة احلالية لضرائب سبق ان اعفى منها قطاع الغزل والنسيج للظروف التي يمر بها اضافة للالتزام بتنفيذ ما ورد في قرار مجلس الوزراء رقم 863 نوفمبر 1998م التي جاءت في «18» بنداً خاصة قصر مشتروات القوات النظامية والقطاع العام من الانتاج المحلي مع الزام المصانع بضبط الجودة كما ان توفير الاقطان للمصانع المحلية من مواقع الانتاج واقامة مصرف متخصص لتمويل اعمال القطاع ومراجعة تعريفة
الكهرباء والفيرنس للصناعات واعفاء القطاع من ضريبة ارباح الاعمال وحماية الانتاج من الاغراق وحظر فتح المعارض الاجنبية للبيع للجمهور.

ليست هناك تعليقات: