الثلاثاء، 15 يوليو 2008

تنامي الإعتداء على المال العام


2/2
استطلاع : بله علي عمروزير المالية: لن نتهاون في أمر المال العامقاضي سابق بالمحكمة العليا: انفاذ احكام قانون المراجعة العامة يكفل الحماية للمال العامصار شعار الحكم الراشد سيد الموقف على المحيط الدولي، ذلك لأن الاقتصاد العالمي قرر عزل اقتصاديات أي دولة لاتعمل على تجسيد هذا الشعار وجعله واقعاً يمشي بين الناس، كما جاء في اتفاقية كوتونو التي اشترطت اقامة الحكم الراشد ضمن حزمة من الشروط.والحكم الراشد يعتمد الشفافية التي تحد كثيراً من حالات الاعتداء على المال العام.. بيد ان تقرير المراجع العام عند العام 2002 قد رصد استمرار حالات الاعتداء علي المال العام، اضافة إلى (109) مؤسسة حكومية لم تقم بقفل حساباتها وتقديمها للمراجع العام.وفي الحلقة الأولى من هذا التحقيق وقفت الصحافة على لغة الأرقام، حيث اوضحت، وحسب تقرير المراجع العام أمام المجلس الوطني أن 36% فقط من المؤسسات الحكومية تخضع للمراجعة، ووقفت الصحافة على افادات عدد من المحاسبين القانونيين والاقتصاديين حول التقرير، وتواصل الصحافة عبر هذه المساحة تسليط الضوء على القضية وعلى ماهية الاجراءات التي اتبعتها الجهات المختصة لحماية المال العام.
اصراروزير المالية والاقتصاد الوطني الزبير أحمد الحسن أكد ان وزارته لن تتهاون في أمر المال العام مهما قل الاعتداء عليه، مضيفاً في افادته لـ «الصحافة» ان الوزارة تسعى للتنسيق مع الجهات المختصة لصيانة المال العام واعمال الشفافية المطلقة، وهذا ما اكده المجلس الوطني عندما اعتمد تكوين لجنة من وزارة المالية ونيابة المال العام والمجلس الوطني وديوان المراجع العام والمراجعة الداخلية، وتعنى اللجنة بمتابعة هذه المخالفات ووضع الاجراءات الكفيلة بالحد من حالات الاعتداء على المال العام.بيد أن دكتور محمدين التجاني الخبير الاقتصادي، ورغم ترحيبه بتكوين اللجنة قال ان سابقة 2001 لا تعطي أملاً كبيراً باستعادة المال العام، خاصة ان ما تم ارجاعه من المبالغ محل الاعتداء في نطاق الأجهزة الاتحادية بلغ (7،12) مليون دينار وهي تشكل 8% من جملة الاعتداء.
أين الحل؟أحمد الطاهر النور المحامي يرى ان انفاذ روح قانون المراجع العام لسنة 1999 قادر على حماية المال العام، فالسلطات المنصوص عليها في المادة (10) تمنع تماماً التصرف الخاطيء في المال العام، كما تمنع الاهمال والاسراف والتبديد أو تجاوز الاعتمادات المصدقة، وفي حالة عدم رد تلك الاموال يقدم الديوان تقرير لرئيس جهاز الدولة المعني لاتخاذ الاجراءات القانونية في مواجهة ذلك الشخص، ويخطر وكيل النيابة المختص، فإذا لم يتم ذلك خلال شهر من ذلك الاخطار تقوم النيابة المختصة بناءً علي الصورة المرسلة باتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتهم.صديق فرج الله المراجع العام بالانابة يقول، انه وبعد اكتشاف الممارسة الخاطئة فإن الديوان يقوم بمخاطبة رئيس الوحدة ونيابة المال العام لاتخاذ الاجراءات الكفيلة باسترداد المال العام، ومحاكمة المتهمين، وينتهي دور المراجع بتقريره السنوي الذي يقدمه للبرلمان، والذي يفصل فيه موقف الممارسات الخاطئة بالتفصيل ما تم فيها من استرداد المال المعتدي عليه والبلاغات قيد التحري أو التي أمام المحاكم أو تلك التي تم فيها الفصل.
هذه الغاياتوحول تجاهل الوحدات والمؤسسات الحكومية قفل حساباتها، وعدم تقديمها للمراجع العام، فقد اكدت وزارة المالية على حرصها في قفل الحسابات وذلك عبر تقوية الجهاز المحاسبي للدولة وتفعيل اجهزة المراجعة العامة الداخلية ومتابعة الوحدات الحكومية للتأكد من قفل حساباتها الختامية وتقديمها للمراجع العام، وأكدت المالية في افاداتها المكتوبة لـ «الصحافة» انه ومن خلال مراجعة الهيئات والشركات والمؤسسات الحكومية التي وردت في تقرير المراجع العام، الذي اعتمدته «الصحافة» كمرجع في تحقيقها حول الاعتداء على المال العام، اتضح ان هنالك مؤسسات تحت الخصخصة وهناك شركات تمت خصخصتها فعلاً، وهناك بعض المصانع الحكومية متوقفة منذ سنوات وبعضها آل إلى الولايات ومازالت اصوله الحكومية تحت التصرف وتعتبر جزءاً من المال العام، ولذلك يظهر ضمن الوحدات التي لم تقفل حساباتها، ومثال لذلك مصنع نسيج شندي ومصنع نسيج الحاج عبد الله ومصنع تعليب البلح بكريمة وغيرها من المصانع المتوقفة أو الشركات تحت التصفية، وبالتالي فإن معظم هذه الوحدات غير عاملة وبالتالي لم تظهر حساباتها للعام 2002، واتضح من خلال المتابعة أن هناك شركات انشأتها وحدات حكومية إلا انها ظلت غير عاملة ولم تمارس نشاطاً تجارياً أي ان البحث عن تمويلها مازال جارياً وبالتالي تظهر هذه الوحدات في خانة الوحدات التي لم تقفل حساباتها كما جاء في التقرير والتحقيق الصحفي، كما ورد في البيان بعض الاندية الرياضية والاتحادات والشركات الاعلامية التي لا علاقة لها بالحكومة.
نص قانونيأحمد الطاهر النور القاضي السابق بالمحكمة العليا قال: (أعود لقانون ديوان المراجعة العامة لسنة 1999 حول المؤسسات التي تتجاهل خطاب المراجع العام الخاص بقفل حساباتها وتقديمها للمراجعة، إذ تنص المادة (99)، تعد مخالفة يعاقب عليها بموجب هذا القانون مع عدم الاخلال بأي قانون آخر عدم الرد على التقارير أو الملاحظات التي يصدرها الديوان أو مكتب المراجعة بصفة عامة أو التأخير في الرد عليها دون عذر مقبول ويعتبر في حكم عدم الرد الاجابة التي يكون الغرض منها التسويف والمماطلة وعدم قفل الحسابات التي تخضع للمراجعة بموجب احكام قانون المراجعة العامة أو عدم تقديمها في المدة المحددة وعدم قيام رئيس أي جهاز خاضع للمراجعة باخطار الديوان او مكتب المراجعة بأي من جرائم المال العام أو أي مخالفة مالية أو تزوير في الحسابات فور اكتشافه وعدم موافاة الديوان أو مكتب المراجعة بالحسابات والمستندات أو الوثائق التي يطلبها للفحص أو المراجعة.
وقد حددت المادة عقوبات ادارية وجنائية منصوص عليها في المادة 53).غير ان صديق فرج الله المراجع العام بالانابة، قال، انه بالنسبة للوحدات التي لا تتجاوب مع خطاب المراجع العام وتتجاهل قفل الحسابات وتقديمها للمراجعة فإن المراجع العام يرفع الامر للمجلس الوطني ضمن التقرير السنوي، ولا يحبذ المراجع العام بالانابة اتهام الوحدات التي لم تقفل حساباتها بوجود ممارسات خاطئة أو توجد بها تجاوزات مالية قائلاً: قد يكون هنالك تأخير لسبب أو آخر مثل قلة المحاسبين في الوحدة المعينة والممارسات الخاطئة لا تجعل المؤسسات متجاهلة قفل الحسابات لأن فرق المراجعة ستقوم بالمراجعة واكتشاف الخلل ولو بعد حين.ويمضي المراجع العام للقول يجب عدم الربط بين المراجعة والخلل المالي والهدف الرئيسي من قفل الحسابات والمراجعة الوقوف على الأداء المالي لأي وحدة حكومية لمعرفة موقفها المالي وجدواها الاقتصادية.الصحافة تشير في ختام هذا التحقيق، إلى انه ورغم روح الاصرار التي لمستها في وزارة المالية والمجلس الوطني فإن عدد البلاغات التي تم الفصل فيها من قضايا الاعتداء بلغت (8) قضايا من جملة (137) حالة.

ليست هناك تعليقات: