الأربعاء، 16 يوليو 2008

الارقام لاتكذب كميات الاسمنت المستوردة كافية فمن وراء الازمة ؟



؟
الخرطوم : بله علي عمر
لا زالت اسعار الاسمنت تشهد تصاعدا ملموسا فاق طاقة المستهلك وبات يهدد قطاع الانشاءات ليبلغ سعره امس الاول (780-820) جنيها للطن وسبب التباين الذي يلاحظه القارئ هو ان ادارة مصنع اسمنت عطبرة عمدت الي فتح نوافذ للبيع المباشر للمستهلك بمخازنها بالسكة حديد بحري بسعر (780) جنيها للطن علما ان ذات الشركة ظلت حتي منتصف يناير الماضي تبيع بواقع (680) جنيها بينما تعرض مغالق مواد البناء الاسمنت بسعر (820) جنيها
الزيادات غير المسبوقة للسلعة الاستراتيجية جاءت في اعقاب توجيهات سيادية قضت باعفاء مدخلات البناء والتشييد من الرسوم الجمركية , كما ان رئاسة الجمهورية قامت بتكوين هيئة تعني بتوفير المساكن للمواطنين مما يعني ان الجهات الواقفة خلف الزيادات ارادت اعاقة توجهات الدولة كما هدفت لتحقيق مكاسب مادية ضخمة دون مبالاة ولو ادت هذه الزبادات لتجفيف قطاع الانشاءات , واذا كان الكثيرون قد ذهبوا الي ان الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس قد عمقت الازمة بسبب اجراءتها ونهجها الذين يعيقا انسياب السلعة , فما انفكت الهيئة تعلن فجر كل يوم براءة اجراءتها ومنسوبيها من المساهمة في صنع ازمة الاسمنت الراهنة , وامس الاول اقامت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس منبرا اعلاميا بقاعتها الكبري بالخرطوم بمشاركة اعضاء اللجنة الفنية الخاصة بالاسمنت - جميعهم من العلماء والخبراء غير المنتسبين للهيئة - وقد تحدث في بداية المنبر بروفيسور محمد سعيد حربي المدير العام للهيئة رافضا ان تكون اجراءات الفحص التي يعملون وفقها وراء الغلو الراهن للاسعار مؤكدا ان اجراءات الفحص والاختبارات تتم بصورة سهلة بمشاركة (6) من المساحين الدوليين المعتمدين الذين يساهمون في اعمال الفحص والتدقيق الشحنات قبل مغادرة البواخر مواني دول المنشأ ورغم ذلك تقوم الهيئة بالتدقيق واعمال الفحص بعد ضبط عدد من حالات الاخفاق التي لم يكتشفها المساحون الدوليون .
وكشف المدير العام للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ان جملة شحنات الاسمنت المطابق للمواصفات التي دخلت البلاد منذ الاول من سبتمبر 2007 وحتي 12 فبراير الماضي (281) رسالة بزنة اجمالية بلغت (483,801) طن و لم تتجاوز الشحنات غير المطابقة عن ذات الفترة عن (11) شحنة بزنة اجمالية (24,024) طن ووفقا لهذه الارقام فان نسبة كميات الاسمنت غير المطابقة للمواصفات لم تتجاوز (5%) مما يدحض الادعاء الذي ساقه البعض من ان مخاوف الموردين من احتمالات رفض دخول شحناتهم بسبب اجراءات الفحص قد دفعتهم لتجميد نشاطهم في استيراد السلعة الاستراتيجية.
وقفة اخري مع ارقام الهيئة لحركة واردات الاسمنت تقول ان واردات البلاد من الاسمنت خلال الفترة من اغسطس 2006 وحتي يناير 2007 بلغت (541,976) طنا بينما بلغت واردات البلاد من الاسمنت في الفترة من اغسطس 2007 وحتي يناير 2008 حوالي (915,027) طنا , مؤشرهذه الارقام يؤكد ان ارتفاع الاسمنت ليس سببه الشح وقلة الوارد كما ان حالة النمو في قطاع الانشاءات والتي تبدو الابرز في ملامح الحراك الاقتصادي السوداني ليست بالحركة التي تمتص هذه الزيادات في واردات الاسمنت مما يعني ان ازمة زيادة الاسعار مفتعلة
واذا كانت ارقام الهيئة قد براتها من الضلوع في تعميق ازمة الاسمنت الراهنة فقد مضي البروفيسور حربي الي دحض ما يردده البعض في ان قيام الهيئة السودانية للمواصفات بوضع مواصفة قياسية سودانية اعاقت انسياب السلعة وجعل شحنات الاسمنت تمكث في البواخر في عرض البحر لايام واسابيع مما ادي لالحاق خسائر فادحة بالموردين مما يضطرهم لوضع هذه الغرامات علي السلعة لجبر خساراتهم , ويري الدكتور مصطفي محمد عبدالباقي رئيس اللجنة الفنية الخاصة بالاسمنت ان وضع مواصفة سودانية خاصة املته اختلافات الطقس والمناخ وسبل التخزين بين السودان والدول الاخري كما ان المواصفة السودانية للاسمنت لم تكن السبب في زيادة الاسعار لانها وضعت في 2002 وليست وليدة هذه الايام .
المهندس عبد المنعم الياس مدير ادارة التقييس رفض اتهام الهيئة باعاقة انسياب السلعة بصورة ادت لزيادة اسعارها وقال ان اجراءات انسياب السلعة الي دخل السودان اسهل بكثير من تلك الاجراءات المتبعة في بلدان اخري
ما خرجنا به من منبر الهيئة السودانية للمواصفات وما استصحبته الهيئة من ارقام يؤكد ان هنالك خلل في الحلقة بين الموردين والمستهلك واذا كانت الهيئة قدت خلال منبرها ان الموردين بريئون ايضا فان المشكل في الحلقة بين المورد والمستهلك مما يدفعنا لاستصحاب رؤي الخبراء الذين تحدثوا للصحافة عن اسباب موجة الراهنفي اعدادها يومي الاثنين والاربعاء الماضيين والتي اجمعوا فيها علي ضرورة خلق الية تعني بضبط الاسعار والتكاليف خاصة ان بعض مرضي النفوس يعتقدون ان التحرير يعني ترك الحبل لهم علي القارب وهذا التوجه افضل للحكومة حتي لا يقول الناس ان السودان يفتقد للحكومة القوية القادرة علي كبح مافيا السوق .

ليست هناك تعليقات: