الأحد، 13 يوليو 2008

مواجهة البلهارسيا مدخلا لتحقيق النفرة





إلى القائمين على الأمر
استئصال البلهارسيا المدخل الحقيقي لإنجاح النفرة الخضراء


بله علي عمربات الحديث عن النفرة الخضراء يطغى على غيره من أحاديث، وأصبحت السلطة المركزية مشغولة بالنفرة الخضراء التي منوط بها تحقيق الأمن الغذائي. فالأجهزة المعنية صارت تؤكد على توفير مقومات الإنتاج خاصة في القطاع المروي وكيف أن استراتيجية انفاذ النفرة ستجعل المزارعين -خاصة في القطاع المروي والذي هو لحم النفرة وسداها- يتنافسون لتسجيل أعلى معدلات الانتاج في وقت يشير فيه واقع المنتجين إلى تسجيل الأرقام في الإصابة بمرض البلهارسيا خاصة تليف الكبد.
محزن جداً أن أفندية المالية والزراعة الذين عمدوا إلى وضع مقومات النفرة الخضراء تحدثوا عن التمويل وكيفية وضع سقف أعلى لمرابحاته حماية للمزارع من غول أرباح التمويل التي وصلت في بعض السنين إلى أكثر من (36%) ولم يكتفوا بتحديد السبل الكفيلة بتوفير المدخلات في مواقيتها بل ذهبوا إلى وضع الأسعار المجزية بالنسبة للقمح قبل رمي (التواريب) وتناسوا العنصر البشري... لم يدركوا أن التنافس الذي كان بين مجالس الإنتاج على مستوى التفاتيش والقسم تحول من عدد القناطير المنتجة من القطن أو القمح أو أرادب الذرة إلى عدد المرضى بتليف الكبد نحن لا نتحدث عن البلهارسيا وإنما عن مراحلها المتقدمة والقاتلة. إن قرية مثل كترة حمدان هي إحدى القرى المنسية لدى واضعي السياسات.. وقرية كترة حمدان الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة المناقل لا يتجاوز عدد سكانها الألفي نسمة وهي من أهم مجالس الإنتاج بقسم المكاشفي، بيد أن (90%) من سكان القرية مثل سائر قرى امتداد المناقل مصابون بداء البلهارسيا خضع منهم (151) مريضاً للتشخيص عبر الموجات الصوتية والذي أشار إلي أن (80%) من هؤلاء المرضى وصل المرض لديهم لمرحلة تليف الكبد... هذه قرية ظل أهلها عبر الزمان يسهمون في دفع الناتج الاجمالي بالبلاد فلم يجنوا غير المرض، نترك قرية كترة حمدان ونتجه للكريمت والتي تعتبر منطقة حضرية وتقع على بعد (10) كيلو مترات جنوبي مدينة المناقل وتصنف الكريمت بأنها حظيت بتوفر الخدمات والوعي الصحي بها، ورغم ذلك نجد أن نسبة الإصابة فيها بالمرض ليست بأفضل حال عن كترة حمدان إذ خضع (225) من سكانها للتشخيص بواسطة الموجات الصوتية بينهم (100) حالة بلغت مرحلة تليف الكبد.. وهكذا حال المواطنين في قرى المناقل كافة أم سنيطة، العوامرة، كمِّل نومك، كمبو ود الامين، الماطوري، ابو آدم، ود الجترة، وغيرها من مئات القرى التي باتت بمثابة مستعمرات للبلهارسيا التي وصفها الخبراء بأنها من أخطر الأمراض المستوطنة بالسودان وإذا كان عدد المرضى بالسودان (7) ملايين فإن عدد سكان المناقل الذين يتجاوزون المليون يتقدمون العدد حيث تنعدم مياه الشرب النقية نسبة لارتفاع ملوحة المياه الجوفية في بعض الأحيان وانعدامها في مواقع أخرى جعل الاعتماد على مياه الترع والمرشحات وهذه المياه ليست آمنة بل ترتفع نسبة تلوثها في الفترة من فبراير وحتى منتصف يونيو من كل عام إذ تعمد سلطات الري إلى تجفيف القنوات بالمشروع تمهيداً لصيانتها الدورية كما أشرنا في الحلقة الماضية، فتغدو المياه في العديد من الترع راكدة وتحتوي على الديدان المسببة للمرض فهل استصحب القائمون على النفرة الخضراء خطر انتشار المرض وآثاره على الانتاج علماً أن امتداد المناقل يشكل أكثر من (54%) من مساحة مشروع الجزيرة ويشكل انتاج الامتداد أكثر من (60%) من جملة انتاج المحاصيل بالمشروع.إن خبراء الزراعة والاقتصاد من أبناء شمال وجنوب الجزيرة قد حذروا السياسيين من خطورة قيلم ولاية المناقل لأن مردودها سيكون خطيراً على ما يتبقى من ولاية الجزيرة خاصة في جوانب الإيرادات هكذا حدثني عبدالباقي علي أمين المؤتمر الوطني بالمحلية وهذا يحتم على النفرة الخضراء ضرورة توجيه الاهتمام باستصال المرض أو الحد منه حتى تتمكن الدولة من تحقيق نفرة خضراء تأخذ بالبلاد لأسباب التنمية.ووفقاً لرؤية الدكتور ابراهيم كرتي منسق البرنامج القومي لمكافحة البلهارسيا وهو الذراع الذي أنشأته وزارة الصحة الاتحادية بهدف استئصال المرض فإن سبل الاستئصال تتضمن الشراكة بين المشاريع المروية المسببة للمرض والسلطات الصحية من خلال توجيه مبالغ محددة للمكافحة والعلاج لأننا ومع تثمين دور هذه المشاريع في دفع التنمية والناتج الإجمالي القومي إلا أن الآثار الصحية والاجتماعية لهذه المشاريع وراء انتشار المرض مما يحتِّم مساهمة إدارة هذه المشاريع في مكافحة المرض ولو تطلب الأمر إحياء مال التنمية الاجتماعية لمواجهة المرض، وبينما أشار الدكتور عبدالحافظ حسن عبدالله منسق المشروع بولاية الجزيرة بإدارة مشروع سكر الجنيد والتي ظلت تتفاعل مع برنامج مكافحة البلهارسيا بالمشروع فقد طالب الدكتور جبريل النعمان عبدالله نائب المنسق القومي بضرورة إصدار تشريع قانوني يلزم المشاريع القومية توجيه مبالغ يحددها القانون ترصد لمكافحة وعلاج المرض مع ضرورة مراعاة ذلك الأمر من قبل المشاريع الجديدة مثل مشروع سكر النيل الأبيض والمشاريع قيد الإنشاء بمنطقة سد مروي والتي يجب أن تراعي ضرورة النأي بالمجمعات السكنية عن قنوات الري والترع مع الإهتمام بالجوانب التثقيفية بخطورة المرض وسبل الوقاية منه والإهتمام بالصحة المدرسية.ويذهب الكثيرون من المعنيين بالأمر إلى ضرورة اصدار التشريع الذي ذهب إليه نائب المنسق القومي والذي يلزم بعض إدارات المشاريع المروية إلى توجيه أموال معينة أو نسبة من الأرباح يتم تحديدها بواسطة القانون توجه لبرنامج مكافحة المرض لأن مشروعاً مثل كنانة تمانع في رصد بعض أرباحها لمكافحة المرض في وقت تبرز فيه الخدمات الاجتماعية للشركة للعيان حتى في بعض المناطق الواقعة خارج المشروع.سبل استئصال مرض البلهارسيا تشمل وفقاً لحديث المنسق القومي لـ (الصحافة) دعوة القطاع الخاص والعام للمساهمة في تنفيذ استراتيجية المرض عبر التثقيف الصحي واصحاح البيئة والعلاج الجماعي وهو توجه يتطلب رصد مبالغ مالية ضخمة مما يعني أهمية الشراكات ودعمها مساهمة القطاعات الرسمية والشعبية كافة. ü في ختام هذه الحلقة الثانية والأخيرة من تسليط الضوء على مرض البلهارسيا لا بد من الإشارة إلى ضرورة تضمين الجانب الصحي في النفرة الخضراء.. علماً أن صحة الحيوان مضمنة في موازنة النفرة مما يعني أن دولتنا تولي عنايتها بالحيوان ولا تبالي بصحة الإنسان خليفة الله في الأرض وأعظم رأسمال.ًü ليعلم واضعو السياسات الاقتصادية أنه من المستحيل تحقيق نفرة و(90%) من المزارعين في القطاع المروي وقد تضخم فيهم الطوحال ويعانون تليف الكبد والاستصقاء ثم نقول لهم وأسرهم.. هيا لنصرة النفرة لأن ردهم سيكون ماذا جنينا من مناصرة الزراعة لعقود من الزمان غير المرض.. إن المطلوب مؤشر يعطي المزارع وأسرته الإحساس بأنه ليس وحده ضد الدودة القاتلة، كما أن على المشاريع المروية إدراك أن المواطن أهم جزء في رأسمالها والذي عليها دعم السبل التي تجعله أكثر قدرة على العطاء وعلى الأعمال الاسثمارية في أنماط استثماراتها كافة، نقول إن دعم مكافحة البلهارسيا واجتثاثها يعني خلق بيئة مثلى للإستثمار لأنه من ناحية اقتصادية يعني وجود مواطن منتج ومستهلك.

ليست هناك تعليقات: