الأحد، 13 يوليو 2008

الفقر وماورد النفط من يعدل الصورة ؟

الفقر وموارد النفط .. من يعدل الصورةعندما حدثتني تلك الشابة من منطقة هبيلا بجنوب كردفان عن المعاناة الحقيقية والتي خلفها انعدام توفر مياه الشرب خلال الفترة من فبراير وحتي يونيو ، ادركت كم بعيدة هي الدولة عن اداء دورها نحو مواطنيها ، وزادت دهشتي اكثر عندما ادركت ان علي الامهات ان يبقين في صف المضخة اربعة ايام بلياليها حتي تتمكن الواحدة منهن من ان تحظي بباقتين من المياه لاسرتها التي يصل عدد افرادها في بعض الاحيان الي 10 افراد .وفي ولايات دارفور التي اضطر مواطنوها للعيش في المعسكرات جراء الصراع الذي برز في اعقاب التمرد نجد الدولة تتجاهل تحذيرات برنامج الغذاء العالمي ، التي اشار فيها الي اضطراره لتخفيض حصة الغذاء الي 50% من منتصف مايو وحتى اكتوبر المقبل ، تتحدث الدولة وتقول انها ستعمل علي تدارك الموقف وفق الامكانيات المتاحة بين شح وانعدام مياه الشرب النقية والصالحة في معظم قري منطقة بين النهرين ، وانعدامها في منطقة هبيلا التي يتجاوز عدد مواطنيها 45 الف نسمة ، يبرز التساؤل هل تخلت الدولة عن واجبها القومي تجا ه مواطنيها ؟ وهل هنالك مبرر منطقى يجعل المواطن يتقبل تغييب الخدمات الصحية والتعليمية و مياه الشرب؟ عبر المساحة التالية نتلمس سبل الاجابة علي هذه الاسئلة.عبر الجبايات وفرض رسوم مدرسية والعلاج بمقابل مادى وتبني الافقار.تحقيق : بله علي عمرفي الوقت الذي كان فيه المواطن السوداني ينتظر ان تأتي السياسات الكلية للدولة متبنية اسباب رفاهيته او علي الاقل تحريره من الضغوط والمشاكل الاجتماعية التي تحد من قدراته الاجتماعية ، فان الدولة وفقا لرؤية الدكتور عطا البطحاني الحسن الاستاذ بشعبة العلوم السياسية بجامعة الخرطوم قد اسهمت عبر سياستها في زيادة نسبة الفقر بنوعيه : فقر القدرات ، وفقر الدخل . ففي مجال التوظيف تخلت الدولة تماما عن استيعاب الخريجين فرغم محاولتها استيعاب اعداد من الخريجين في ميزانيتي 2005-2006 الا اننا نجد ان العدد المستوعب لا يتوافق والعدد الكلي ، ذلك ان عدد المستوعبين للعامين لا يتجاوز 27000 خريج بينما بلغ عدد الخريجين قرابة 500 ألف خريج .وفي الجانب الصحي يري الدكتور ميرغني عبدالرحمن ـ طبيب ـ ان الواقع الصحي وما يخصص للصحة من الناتج الاجمالي مبلغ زهيد ، ونتج عن ذلك ان ارتفعت نسبة الوفيات بالملاريا ، كما ارتفعت نسبة الوفيات بين الامهات والاطفال مقارنة بدول الاقليم.ويؤكد الدكتور ميرغني ، ان تعاطي واهتمام الدولة بقضية الاسهالات المائية ، والتي تجاهلتها ، منذ بدء انتشارها بجنوب البلاد رغم انتشارها علي نطاق واسع وحصدها لارواح العديد من الاهالي ، ولما كانت الدولة تتجاهل الصرف علي الصحة العامة وصحة البيئة فقد وجدت الاسهالات المائية البيئة المثلي لتنتشر بالخرطوم وشمال كردفان ، وذلك ما ذهب اليه المراجع العام الاسبق محمد علي المحسي الذي اضاف انه لا توجد أي ملامح او دور للدولة في مجال الخدمات الاجتماعية ، بينما برزت ملامح الفقر بصورة حادة ، وبات يهدد السلام الاجتماعي ، اذ بلغ متوسط الفصل في القضايا التي تنتشر عبر الوسائط الاعلامية اكثر من (100) حالة في اليوم الواحد ، يكون فيها سبب الفصل اعسار الزوج او غيابه.ويشير الهادي عبدالرحيم احمد الباحث الاجتماعي الي ان ارتفاع معدلات حالات الطلاق من ابرز ملامح التفكك ويتجاوز مردوده بين افراد الاسرة الي المجتمع. توجيه الصرفمحمد ابراهيم عبده (كبج) المعروف بمتابعته ورصده للحراك الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد ، يري ان بروز المشكل الاجتماعي نتيجة طبيعية لتوجيه الاقتصاد نحو اقتصاد الحرب ، ويرى ان 90,5% من جملة عائدات البترول يتم توجيهها للامن والدفاع ، بينما يتم تخصيص 2,5% من هذه العائدات نحو الصحة ومياه الشرب ، لذلك لا عجب ان تمكث فتاة هبيلا 4 ايام بلياليها امام احدي المضخات الخمس لاجل بعض الماء ، وقد ادى تبني هذه السياسات الي الواقع الذي صارت اليه البلاد. تغير المفاهيم مفهوم الدولة التقليدية التي تقوم بتقديم كل الخدمات مجانا حقبة مضي عليها الدهر خاصة في ظل ارتفاع معدلات الصرف ، هكذا ابتدر البروفيسور ابراهيم احمد ابراهيم المتخصص في اسواق العمل ، ماضيا للقول لقد ادت الزيادات الكبيرة في اوساط السكان الي ضرورة مراجعة الصيغ القديمة في مجال الخدمات وذلك علي مستوي دول العالم لقد بات علي المواطن المساهمة بحد ما في مجال الخدمات ، وعلي الدول وضع السياسات والقوانين القادرة علي احداث حراك اجتماعي واقتصادي متكامل مثل تشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال القادرة علي اقامة مشاريع تنموية حقيقية ، أي ان علي الدولة اليوم خلق البيئة الصحيحة والمعافاة .. لا اريد للدولة ان تغدو مجرد رقيب علي حركة المجتمع ، وانما عليها ضبط وتوجيه هذا الحراك حتى تتوفر له القدرة حال توفر البيئة المثلي الي تحقيق الرفاهية للمجتمع .غير ان الهادي عبدالرحيم رفض ايجاد المبررات ذلك ان الحكومة في اطار توجهها في التمكين لنهجها تخلت عن مسؤولياتها الاجتماعية وكرست الجهود للدولة الحارسة ، بيد انها لم تحقق النجاح ، وذلك ان الثغرة التي سببها المشكل الاجتماعي مزقت النسيج الاجتماعي وباتت تهدد وجود الدولة . محمد ابراهيم كبج وافق محمد علي المحسي في ان وزارة الرعاية الاجتماعية التي تعتبر الذراع المعني بوضع وانفاذ سياسات الدولة في الشأن الاجتماعي فشلت مثل سائر سلطات الحكومة ، بدليل انها في تقريرها للمجلس الوطني احتفت بتوظيف 4046 خريجا من جملة 700000 خريج خلال الثلاث سنوات الماضية عبر استراتيجية معالجة العطالة ، كما انها تمكنت من التصدى للفقر عبر عائدات ديوان الزكاة ، أي ان استراتيجية الدولة لمناهضة الفقر تتمثل في توزيع عائدات الزكاة.

ليست هناك تعليقات: