الثلاثاء، 15 يوليو 2008

في ظل الصمت المطبق انسلاخ الخرطوم هل يعجّل بانهيار التأمين الصحي


تقرير: بله علي عم
رشغلت الاوساط الاعلامية وتلك المعنية بالصحة العامة بقيام ولاية الخرطوم بانشاء شركة تحت مسمى «شوامخ» أوكلت لها حكومة الولاية القيام بتقديم الخدمات الصحية لاولئك الذين يتمتعون بخدمات التأمين الصحي من العاملين في القطاعين العام والخاص بولاية الخرطوم. وذهب البعض لتفسير ذلك التوجه بأنه انسلاخ صريح عن الصندوق القومي للتأمين الصحي. وهنا تتبادر للذهن استفهامات عديدة حول قانونية وجدوى الانسلاخ وآثاره على مجمل الخدمات التي يقدمها الصندوق القومي للتأمين الصحي.الشريف عبود المستشار بالصندوق القومي للتأمين الصحي أشار لعدم قانونية الاجراء الذي اتخذته الولاية استناداً على قانون الصندوق القومي للتأمين الصحي 2001م المعدل في 2003م والذي تم تعديله وفقاً لدستور السودان وان الاجراءات التي اتخذتها ولاية الخرطوم بتحويل الاصول والمشتركين والارصدة اجراء باطل حسب القانون الذي ينص على انها خاصة بالصندوق القومي وذلك مما دفع ادارة الصندوق رفع الامر للجهات المعنية للفصل.من جانبه يشير دكتور على محمد محمدين المدير التنفيذي للصندوق بولاية الخرطوم الى أن ادارته اتخذت الاجراءات اللازمة لتوفير الخدمات لمشتركي الصندوق وان الادارة في انتظار تحويل وزارة المالية بالولاية اشتراكات المؤمن لهم للادارة مشيراً الى أن الادارة قد قامت بتجهيز 50 مركزاً لتقديم الخدمات للمشتركين وسوف تكون المراكز متاحة لجميع المشتركين لتلقي العلاج وذلك ابتداءً من أول يناير 2005م وذلك كاجراء اسعافي حتى لا يتضرر المشتركون، مشيراً الى استراتيجية الادارة في رفع نسبة استخراج البطاقات من 41% الى 100% خلال الربع الأول من عام 2005م.وعن مدى تأثر الولايات بانسلاخ ولاية الخرطوم عن الصندوق يقول دكتور اشرف محمد ابكر المدير التنفيذي للصندوق بولاية شمال دارفور ان توطين العلاج داخل الولاية من أهم الاهداف التي سعى لها الصندوق الذي نجح في تحقيق هذه الاستراتيجية بتوفير معمل مرجعي تضمن فحوصات نادرة لم تكن متوفرة بالولاية مثل جهاز فحص الفشل الكلوي الحاد وتجلط الدم اضافة لانشاء مركز دارفور لابحاث الموجات فوق الصوتية الذي يشمل جهازين ثنائي الابعاد وجهاز ثلاثي الابعاد في الباطنية والنساء والتوليد والاوعية الدموية بمواصفات تفوق تلك الاجهزة الموجودة بالخرطوم. هذا التوجه ادى لخفض اعداد المحولين للخرطوم الى (26) حالة الى الخرطوم معظمها نساء وتوليد علماً أن عدد المحولين في السنوات الماضية كان يتجاوز مئات الحالات في العام، كما أسهم مجمع على دينار الذي اقامه الصندوق بتكلفة فاقت (900) مليون جنيه في توطين العلاج بالولاية ويبقى أن أثر انسلاخ الخرطوم عن الصندوق يقف عند التسكين والذي يعني ان تلتزم ولاية الخرطوم بتوفير الخدمة لاولئك الذين تضطرهم بعض الظروف للوجود بالعاصمة حيث أن خروج الخرطوم يهزم فكرة البطاقة القومية التي يسعى الصندوق لتعميمها بكل انحاء البلاد.دكتور محجوب عبدالرحيم عبدالقادر المدير التنفيذي بالولاية الشمالية بالانابة يقول إن اصل فكرة التأمين الصحي قائمة على مفهوم التكافل والتراحم ونظرية الاعداد الكبيرة في تقليل تكلفة العلاج ولها قانون مسنود من كافة فعاليات المجتمع وممثلي الشعب والسلطة السيادية وعليه فان مصادمة شرعية الصندوق ليست الا كمن يقاتل طواحين الهواء- كل الخدمات الطبية على كافة المستويات تم توفيرها بالولاية عبر التأمين الصحي بالتعاون مع المؤسسات الصحية الموجودة بالولاية فالمعامل متوفرة بكافة معداتها الروتينية والكيمائية كما تم توفير بعض الفحوصات المتقدمة كجهاز فحص الهرمونات وقد تجاوزت تكلفة مشروعات الصندوق المليار ونصف المليار جنيه في مجال الاجهزة والمعدات الطبية ذلك اضافة لتكلفة المنشآت وقد ادى ذلك التوجه في تراجع نسبة المحولين للخرطوم وباتت الشمالية تتزيل قائمة الولايات في شأن التحويل وأثر انسلاخ الخرطوم ملموس في حالة تسكين اولئك القادمين للعاصمة من المؤمن عليهم كما أن الانسلاخ يؤدي لانهيار مشروع قومية البطاقة.يشير دكتور خلف الله العوض المدير التنفيذي للصندوق بالولايات الاستوائية الى أن انسلاخ ولاية الخرطوم سيكون له مردود سالب على مواطني الجنوب ذلك أن توطين العلاج بالولايات الاستوائية لازال في مرحلة النمو والتطور وعليه فان حالات التحويل للخرطوم كثيرة جداً في مجال طب العيون خاصة في ظل انتشار «عمى الجور» كما أن التسكين سيقى مشكلة حقيقية ذلك لان بعض العاملين بالدولة يتم تسكين اسرهم «المستفيدين» بالاستوائية وعليه يبقى ان الانسلاخ يهدد بهزيمة فكرة قومية الصندوق.هنالك اشفاق لمسته «الصحافة» لدى عدد من المختصين بالشأن الصحي على مستقبل الصندوق في ظل توجه ولاية الخرطوم محذرين من ان هذا التوجه حال استمراره يشجع بعض الولايات الاخرى على حذو ولاية الخرطوم والانسلاخ عن الصندوق كما أن تقرير ولاية الخرطوم الذي قدمته امام مؤتمر جوبا والذي أوضح ان 40% من موارد الصندوق التي ذهبت تحت بند الصرف «اخرى» يشير الى احتمال ارتفاع نسبة الاعتداء على مال التأمين وهو مال وقفي تشرف عليه الادارة الاتحادية للصندوق القومي للتأمين الصحي.إن على كافة اجهزة الدولة خاصة السلطات السيادية والتشريعية حماية اموال المؤمن عليهم والتي عملت على حمايتها عبر القوانين والدستور- كما أن تجاهل ولاية الخرطوم برفع نسبة استخراج البطاقات جعلها وقفاً على 42% من المشتركين يبقى دليل على أن الولاية تنظر لهذه الاموال كموارد وليست كخدمة- ختاماً فان ولاية الخرطوم لا تتأثر بتقديم خدمة مجانية لمنسوبي الولايات كما تدعي ذلك إن مشروع التسكين المتعارف عليه يمكن الولاية من استرداد كافة حقوقها على الولايات الاخرى عبر مقاصة يديرها الصندوق القومي.

ليست هناك تعليقات: