الأحد، 13 يوليو 2008

التمويل الاصغر اصعب الطرق لمناهضة الفقر !


تحقيق : بله علي عمريجمع الاقتصاديون وخبراء التنمية الاجتماعية علي اهمية نظام التمويل الاصغر او الـ ( microfinance ) لمناهضة الفقر خاصة وسط شرائح الفقراء الناشطين ، ويستشهد هؤلاء بالنجاح منقطع النظير الذي حققه هذا النهج بالعديد من الدول، ويشدد هؤلاء علي اهميته بالبلاد في ظل ارتفاع معدلات الفقر التي وصلت الي 90% بين المواطنين. ورغم اتفاق الجميع علي ضرورة تبني هذا التوجه ونشره علي اوسع نطاق الا ان الملاحظ تحفظ الكثيرين من الخبراء علي جدوي التمويل الاصغر في ظل السياسات الكلية للاقتصاد في الوقت الراهن، ولا يخفي البعض اتهامه للسياسات الكلية للاقتصاد والتي يرون انها وراء تبني الافقار.« الصحافة » عبر التحقيق الصحافي التالي تقف علي التمويل الاصغر معني ومدلولا، والي اي مدي يمكنه ان يساهم في عودة شرائح اجتماعية واسعة للانتاج وتفعيل الحراك الاقتصادي والاجتماعي ؟ وفي بداية التحقيق لابد من الاشارة الي ان التمويل الأصغر هو عرض الخدمات المالية للفئات الفقيرة المستثناة من خدمات البنوك وليست لديها موارد ، ولا تستطيع توفير الضمانات التى تطلبها البنوك، وهم عادة اميون والمصرفيون يعتقدون أن التعامل معهم غير مربح، والخدمات المالية التي تقدم من قبل التمويل الأصغر تتمثل في القروض متناهية الصغر، التوفير الأصغر، التأمين الأصغر، التحويلات المالية الصغيرة - خدمات مصممة حسب حاجة الزبون وتقدم قريبة من مواقعهم.سألت مصطفي جمال الدين ابوكساوي، مستشار تنمية الاعمال الصغير والتمويل الاصغر عن الشرائح الاجتماعية التي يمكن ان يستهدفها التمويل الاصغر ؟ فأجابني ان النساء اللائى يعلن أسرهن ، المتقاعدين ، النازحين ، عمال الأجور المنخفضة ، والفلاحين البسطاء ، هم اكثر المجموعات الانسانية التي يستهدفها التمويل الاصغر . قلت للخبير الوطني ابوكساوي ان هذه الشريحة هي الاكثر فقرا، فهل يمكن للتمويل الاصغر ان يكبح الفقر ؟ فأجابني : « رغم ان للتمويل الاصغر علاقة إطرادية إيجابية في مناهضة الفقرمن خلال زيادة دخل الأسرالفقيرة وتكوين الأصول والحد من التأثر بالصدمات الاقتصادية وزيادة الطلب على الخدمات والمنتجات الأخرى ،خاصة التغذية، التعليم، والرعاية الصحية» وتحريك الاقتصاد المحلي اضافة الي تمكين المرأة الا ان التمويل الأصغر لن يستأصل الفقرلان الاخير عملية معقدة تمثل الحصول على الخدمات الصحية و التعليمية ، جانبا منها ويمكن اعتبارالتمويل الأصغر عاملا مكملا للعوامل الأخرى. ان هذه التجربة الانسانية ذات القواعد والمعايير المصرفية المعروفة والمتفق عليها، والتي ساهمت في مناهضة الفقر خاصة في ظل تنامي مؤسسات التمويل الاصغر حول العالم والتي تجاوزت «10» آلاف مؤسسة يستفيد منها اكثر من «100» مليون مواطن حول العالم غير أن ياسر احمد حسن جامع ، وهو من البارزين في مناهضة الفقر علي مستوي بادية كردفان ، والعضو السابق بشبكة مكافحة الفقر- يري ان التمويل الاصغر يمكن ان يغدو اداة فاعلة في مناهضة الفقر شريطة تصحيح المفاهيم عن ماهية التمويل الاصغر ، ذلك انه سلة خدمات تضمن ادماج الفقراء الناشطين اقتصاديا في النظام المالي الرسمي عبر تقديم خدمات متنوعة لاتقف عند التمويل فقط بل تتضمن الادخار ، التحاويل والتأمين الاصغر ، كما لا تتحقق جدوي التمويل الاصغر الا في ظل برنامج استراتيجي لسلسلة قيمية ( VALUE CHAIN) وان يربط هذا البرنامج مفاصل الاقتصاد الكلي بعضها ببعض بدءا بالمنتج الصغير حتي خروج المنتجات للاسواق المحلية او بالخارج ، كما ان لقطاعات الدولة المختلفة - وفقا لرؤية جامع ـ دورا محوريا في تنمية قطاعات التمويل الأصغر عبر خلق بيئة قانونية وتشريعية جاذبة لمقدمي الخدمة تمكن الفقراء من الاستفادة مثل ديوان الزكاة ودوره في وضع آليات لتحويل الفقراء المعوذين لناشطين اقتصاديا كما ان قيام مؤسسات لضمان القروض للفقراء امر حيوي فيما يبقي علي وزارة الاستثمار لعب دور مهم في مجال اصدار القوانين لحماية المنتجين. ففي ظل وجود جبايات وضرائب متعددة يبقي التمويل الاصغر عديم الجدوي ومثل ساقية جحا .في ظل اقتصاد السوق يعجز المنتج الصغير عن تسويق منتجاته بسبب عدم قدرته علي المنافسة وقد اسهم ذلك في زيادة نسبة الفقر، ويري مصطفي ابوكساوي ان عدم وجود جهات قائمة علي رفع المهارات الادارية والفنية لهذه الشريحة قد اخرجها من السوق فعلي سبيل المثال فإن منتجي الملبوسات والحدادين والنجارين وصانعي الاحذية يعانون من مشاكل التسويق لان اسعارهم اعلي ومنتجاتهم أقل جودة من السلع المماثلة المستوردة، والتى تم اغراق الأسواق المحلية بكميات كبيرة منها. وعن دورالدولة يري ابوكساوي أنه يتمثل في التسهيل وليس التقديم المباشر لخدمات التمويل الأصغر، وخلق بيئة من السياسات المساندة لتطوير الخدمات المالية مع حماية مدخرات الفقراء وتجنب تشويه السوق ببرامج إقراض مدعومة اضافة لتوفير الخدمات المؤسسية اللازمة للوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين، كما ان الدعم من الجهات المانحة يجب أن يكون مكملاً وليس مزاحماً لرأس المال من القطاع الخاص اضافة للتركيز على بناء القدرات المؤسسية والتعاون والتكامل بين البرامج و الهيئات المختلفة وتقديم المساندة للمؤسسات الملتزمة بالحد الأدنى من معايير الأداء والتخطيط للاستمرارية .وعن الاعداد التي يمكن استهدافها عبر مشروعات التمويل الاصغر فقد اشارت الدراسة التي اعدها بنك التنمية الاسلامي بجدة الى أن هنالك حوالى «5،1» مليون من العاملين في الاعمال الصغيرة والمتناهية الصغر فى ولاية الخرطوم. سألت ياسر احمد حسن في ظل التحرير كيف يمكن للبنك المركزي إلزام الجهاز المصرفي بتوجيه سقوفات كافية لتمويل مثل هذه البرامج فقال ؟ : « يجب ان يكون هنالك عائد مجزٍ للمصارف وومؤسسات التمويل حتي يتم استقطابها خاصة انها معنية بتوفير التمويل بنسبة تتراوح بين (97-99%) من جملة الاحتياجات المقدرة بحوالي (3 ،5( مليار دولار حسب مسوحات بنك التنمية الاسلامي بجدة. اشراق ضرار ر مديرة وحدة التمويل الاصغر ببنك السودان اشارت الي ان البنك المركزي وتبعا لسياسة الدولة في محاربة الفقر رأي تطوير استراتيجية التمويل الاصغر فتمت اجازة الاستراتيجية واعتمادها وتمثلت اهم الاهداف في انشاء وحدة التمويل الاصغر لتبدأ الوحدة العمل وفق آليات شملت بناء القدرات لمقدمي التمويل وهم البنوك والمؤسسات والصناديق الحكومية وجاء الاختيار وفق معايير محددة اهمها الرغبة في تقديم الخدمة والانتشار في الاقاليم لتبدأ برامج التدريب المكثفة علي «3» مستويات شملت الادارات العليا وادارات الفروع وضباط الائتمان، وبلغ عدد هذه الدورات «8»، وبلغ عدد الذين تلقوا تدريبا فيها «200» موظف ، والمستوي الثاني يتمثل في رفع الوعي ونشر ثقافة التمويل بين الشرائح المستهدفة وفي هذا المجال تم عقد العديد من المنتديات لمناقشة كيفية ما يلي التمويل الاصغر كما توجد برامج اذاعية وتلفزيونية تتم فيها الاجابة علي كافة استفسارات هذه الشرائح .تمضي مديرة وحدة التمويل الاصغر بالبنك المركزي قائلة هنالك السياسات الداعمة تتمثل في التنسيق مع الدواوين الحكومية ذات الصلة بغية خلق بيئة صالحة لتقديم وتنمية الخدمات اضافة للتنيسق مع الشركاء الذين يتمثلون في البنوك المعنية بالتمويل وبرنامج الامم المتحدة الانمائي والمنظمات الطوعية والقطاع الخاص لاجل الوصول لافضل الممارسات، كما لابد من ايجاد صيغة للمشاركات مع البنوك لاجل توسيع الاستهداف والانتشار الجغرافي .الدكتور بابكر محمد توم، الرئيس المناوب للجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني واحد راسمي السياسات الاقتصادية اكد اهمية التمويل الاصغر باعتباره يعمل علي توجيه نسبة من التمويل لصغار المستثمرين والاسر المنتجة ، مضيفاً انه ولدي زيارة رئيس الجمهورية لماليزيا لحضور احد المؤتمرات التي تركز علي التمويل الاصغر جاءت مداخلة السودان فى المؤتمر مطالبة بضرورة توجيه نسبة مقدرة من التمويل المصرفي للتمويل الاصغر،خاصة ان الصيرفة الاسلامية كلها ملزمة بالتمويل الاصغر حتي لا يتركز المال لدي مجموعة الاغنياء وفقا لقوله تعالي « كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم» ، ويضيف دكتور بابكر ان نظرية البنوك الغربية قائمة علي توجيه الاموال الزائدة والمجمدة لدي الاغنياء للفقراء ، ونفي الرئيس المناوب لللجنة الاقتصادية بالبرلمان ان تذهب جدوي التمويل الاصغر جراء السياسات الكلية للاقتصاد، مؤكدا ان الخطر يتمثل في توجيه التمويل لكبار المستدينين الذين ارتفعت نسبة الاعسار بينهم الي «40%»، بينما لا تتجاوز النسبة «10%» بين صغار المنتجين. وحول اتهام الحكومة بزيادة تكلفة الانتاج مما يذهب بجدوي التمويل قال دكتور بابكر ان الجبايات جزء من الازمة وليست كلها مطالبا الولايات بخنق محولات التوجه للجبايات وزيادة الرسوم، مطالبا في ذات الوقت بتحسن الادارة والالتزام بالموجهات العامة .ما تقدمه البنوك يمثل أقل من 3% من جملة حافظة القروض وفي ظل ضعف القطاع المصرفي الراهن ونهج ادارة الدولة للاقتصاد يبقي دور التمويل الاصغر في مواجهة الفقر عديم الجدوي ، هكذا بدأ الدكتور محمد التجاني حديثه ماضيا للقول انه لا توجد ارادة سياسية قادرة علي تغيير نهج الفقر الذي تتبناه الحكومة خاصة كما لا توجد جهات تمويل قادرة علي المغامرة بأكثر من «3» مليارات من الدولارات الا بضمان البترول وعليه فإن الحكومة التي لم توجه اية عائدات من النفط يمكنها ان ترهن البترول لهكذا مشروعات. واختتم دكتور محمد حديثه بأن التمويل الاصغر يمكنه ان يكون فاعلا في الحد من الفقر، ولكنه اصعب السبل. رجوع

ليست هناك تعليقات: