الأحد، 13 يوليو 2008

خبير المعامل والتقييس : مختبرات الاغذية بالبلاد غير مؤهلة لتوفيلر الحماية

مختبرات الاغذية غير مؤهلة لحماية المجتمع البلاد تفتقر لنظم رقابة الأطعمة حاوره: بله علي عمرالإرتفاع المضطرد في نسبة الإصابة بالسرطانات.. تلوث الأطعمة.. والتغيرات الجذرية في الكائنات الدقيقة.. واقع مختبراتنا الراهن في ظل تكدس الميناء بحاويات الأغذية القادمة.. مخاطر إضافة البنسلين من قبل بعض منتجي الألبان وباعتها لحفظها.. مخاطر استخدام الدكوة الملوَّثة بالفطريات المميتة، كل هذه الهموم حملتها ووضعتها أمام بروفيسور موسى علي أحمد- أحد كفاءاتنا العلمية- والخبير بمنظمتي الزراعة والأغذية ومنظمة الصحة العالمية في مجال الأحياء الدقيقة والمدير السابق لمختبر دبي المركزي، وذلك عبر الحوار التالي..* بروفيسور موسى كيف ترون مستوى الرقابة على الأغذية بالبلاد في ظل تدفق كميات ضخمة ترد لأسواقنا من كل جهات الدنيا؟- هذا موضوع مهم جداً.. إن اهتمام الدولة والأجهزة المعنية ليس ملموساً بالدرجة المطلوبة خاصة في ظل ازدياد مخاطر الأغذية التي غدت معقّدة ولم يعد الحال كما كان سائداً في السابق «مجرّد أكلة تَغِّلط على الإنسان» كما يقول أهلنا في السابق.. الآن تجاوزت مخاطر الأغذية «الغلط الآني» وباتت قاضية.* ما هو سر هذا التحول القاتل؟- لقد حدثت تغييرات جذرية في الكائنات الدقيقة الملوِّثة للأغذية كما حدثت تطورات جينية لكثير منها وظهرت أنواع حديثة أكثر شراسة وتؤدي لكثير من الأمراض القاتلة، كما أن التحول تجاوز هذه الكائنات إلى الملوثات الكيماوية المستخدمة.. والأغذية التي أصبحت ذات علاقة بمسببات كثيرٍ من السرطانات والأمراض الخطيرة.* كيف لنا بمواجهة هذه التحولات والمخاطر الناجمة عنها؟- أول هذه المتطلبات تتمثَّل في عودة الدولة للإهتمام بالأمر وتوفير الموارد المادية التي تمكِّن أجهزة الرقابة من القيام بدورها الرقابي بصورة تضمن سلامة الأغذية.. إن توفير الموارد المادية يسهم في توفير المختبرات وفق أحدث تقنياتها العالمية التي يمكن عن طريقها كشف مستوى الملوثات مما يمكن هذه الأجهزة الحد من مستوى المخاطر الناجمة عن استهلاك الأغذية الملوثة.* كيف تقيمون واقع مختبراتنا الراهن؟- المختبرات الموجودة ضعيفة ويمكن وصفها بأنها غير مؤهلة لحماية المجتمع في ظل التحولات التي ذكرناها آنفاً.. فهي غير قادرة على كشف التغييرات الجذرية في الكائنات الحيَّة، كما أنها لا تواكب التقنيات والأجهزة الحديثة المتوفرة في مختبرات الدول الأخرى علماً بأن هذه المختبرات كانت تستخدم في السابق من قبل المنظمات العالمية مثل منظمة الزراعة والأغذية «الفاو» ومنظمة الصحة العالمية لتغطية أعمالها بدول أفريقيا والشرق الأوسط، إضافة لأن هذه المختبرات كانت مواكبة لأحدث تكنولوجيا المختبرات فقد كانت ايضاً تضم كادراً بشرياً يحمل المؤهلات العلمية العليا والسمعة العالمية، وللإجابة على التساؤل التقليدي لماذا الإنهيار؟ فالأمر لا يحتاج لكثير عناء.. إن تلكم السمعة الدولية والقدرة على مواكبة التقنيات سببه الرئيسي اهتمام الدولة بالقطاع ومنحه ما يستحق من اهتمام، تراجعت مساهمة واهتمام الدولة فكان الإنهيار.. وعليه لا بد من الإشارة إلى أن المدخل للتنمية الحقيقية في أي مجال سواء نفرة خضراء أو نفرة صناعية أو غيرها فإن الاهتمام بالمختبرات والبحوث هو المدخل لتحقيق تلك الغايات.* أتعني أننا بلغنا الدرك الأسفل؟ أين معاملنا من رصيفاتها بدول المنطقة؟- أتيحت لي الفرصة ضمن فرق قامت بإنشاء وتطوير المختبرات في دول عديدة بأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية في زامبيا، وسوريا، واليمن، والبحرين، وقطر والبرازيل، كما قمت ضمن فرق رسمية بزيارة مختبرات بكينيا، ومصر، وتونس، والهند، والباكستان، ودبي التي عملت بمختبرها لمدة «22» عاماً ويمكن القول إن وجه المقارنة بين مختبرات هذه الدول ومختبرات بلادنا معدوم تماماً، فالمختبرات السودانية فقيرة وضعيفة لحد بعيد.* نريد الوقوف بشيء من التفصيل حول مكامن الضعف؟- لنأخذ مثلاً زامبيا وهي الدولة الأكثر فقراً بين هذه المجموعة، فإضافة لمختبرها المركزي الموجود بلوساكا والذي وفَّرت له أحدث التقنيات المواكبة لكونه المختبر المركزي، فهناك «4» مختبرات أخرى لا تقل عنه، ومقارنة أيٍّ منها لا يصب في مصلحة المختبرات الوطنية.* يذهب الكثيرون إلى أن أهمية المختبرات تقف عند كشف ملوثات الأغذية فقط؟- المختبرات هي أساس التنمية في مجالاتها كافة ذلك أن هذه التنمية تحتاج للدعم الفني والذي تعتبر المختبرات ركيزته الأساسية ذلك إضافة لمراكز البحوث.. فالنفرة الخضراء التي أعلنتها الدولة تحتاج للدعم في مجالات البحوث والمختبرات، وهي بوصفها الراهن غير مؤهلة للقيام بدورها ولو بصورة مقبولة.. إن البحوث الزراعية التي كانت تقوم بأعظم دور لم يعد لها أثر.* نريد حصر الحديث عن أوجه القصور في ملوثات الأغذية؟- ما يتعرّض له الأطفال نتيجة تلوث الألبان.. فالرقابة في هذا المجال ضعيفة بينما الأبقار المصابة بالتهاب الضرع الذي تسببه بكتيريا الاستاف وهي تفرز سموماً تشكل خطراً على صحة الأطفال.. إن عامل حلب الأبقار لا يعرف خطر ما يقوم به.. إنه لا يعرف أن هنالك سماً يعقب النار.. صحيح أن الأمهات يدركن أن غلي الألبان مهم وحيوي ولكنهن لا يدركن أن البكتيريا تموت بعد غليان اللبن وتبقى السموم التي تؤثر على الأطفال بدءاً بالقي والإسهال وانتهاءً بالضعف الذهني، وتراجع نشاط الأطفال ولا بد من الإشارة إلى أن الألبان التي نعنيها هي تلك التي يأتي بها الباعة من المزارع للأحياء.* هل تكمن خطورة الألبان في منتجات الأبقار المصابة بالتهاب الاستاف؟- هناك أمر أخطر وهو انتشار ثقافة جديدة تتمثل في لجوء باعة الألبان لإضافة المضادات الحيوية وتحديداً البنسلين للألبان حتى لا تفسد قبل وصولها للمستهلك، وهذا يعني تعاطي الأطفال في أعمار مبكِّرة لكميات من البنسلين والمضادات الأخرى دون علم ذويهم.* هل يحتاج اختبار مثل هذه المضيفات لمعامل ضخمة بالغة الكلفة؟- هنالك مواد رخيصة جداً يمكن عن طريقها كشف التلوث بالمضادات الحيوية بصورة تمكّّن الأجهزة الرقابية من الكشف داخل المزارع أو داخل الأحياء والشوارع حيث يوجد باعة الألبان.* المجتمع السوداني فقير.. وباتت السلطة والدكوة بمثابة الوجبة الشعبية فما هي مخاطر استخدام الدكوة؟- تم اجراء بحث قبل فترة على مستوى الافلاتوكسين في الدكوة التي تم اختبارها بصورة عشوائية من مدن الخرطوم، وبحري، وام درمان، وقبل الوقوف على نتيجة البحث لا بد من الإشارة إلى أن الحد المسموح به عالمياً وفقاً لمعايير لجنة دستور الأغذية بمنظمة الصحة العالمية ومواصفات الدول حول العالم والمواصفات السودانية هو «15» جزءاً في البليون من هذه المادة، بينما جاءت نتيجة البحث الذي اُجري على العينات المذكورة عالية جداً تراوحت بين «100-500» جزء في البليون، وذلك مؤشر خطير يتطلّب الوقوف عنده خاصة كما ذكرتم أن الدكوة والطماطم تقدّم في مجتمعنا كوجبة كاملة للأطفال والأسرة.* ما هي المخاطر الصحية الناجمة عن الافلاتوكسين وارتفاع معدلاته في الغذاء؟- تراكم هذه المادة يؤدي في نهاية المطاف للإصابة بسرطان الكبد وقبل هذه المرحلة يصاب الإنسان باختلال في وظائف الكبد.* هل يكمن الافلاتوكسين في الفول السوداني بحد ذاته أم أن الأمر ناجم عن اصابة تحل بهذا المنتج الحيوي الذي يُنتج بدول كثيرة؟- عندما يكون تخزين الفول سيئاً وفي درجة حرارة عالية فإنه يصاب بنوع من الفطريات تفرز هذه المادة السامة. هذا الموضوع خطير جداً والسكوت عليه جريمة في حق مجتمعنا وأطفالنا.. خاصة أن الدول حول العالم بدأت تلتفت لأمر الافلاتوكسين بما فيها الدول الفقيرة والنامية. * إن الأطباء يذهبون إلى أن انتشار السرطانات هو الوعي بين المواطنين.. ومن حديثك يتضح أن لارتفاع نسبة المرض وغيره مسوقاتها المنطقية فكيف لنا مواجهة متطلبات المرحلة؟- هنالك أساليب حديثة ومتطوِّرة يتم انتهاجها لضمان سلامة الأغذية.. إن الأساليب التقليدية لم تعد ذات جدوى ولا تحد من انتشار الملوِّثات، المطلوب انتهاج اساليب متكاملة بتعاون أجهزة الرقابة مع توفير الدعم القانوني لها، ولمّا كان المختبر الحديث والمؤهل بكوادره العلمية المدرّبة والقادرة على اجراء التحاليل وإعطاء النتائج الصحيحة للكيماويات كافة من مبيدات حشرية وأسمدة ومواد بيطرية ومواد تغليف الأغذية والملوثات الأخرى كافة كمياوية وبكتيرية ومضيفات، لكل ذلك أهميته فلا بد من التشديد مرة ثانية وثالثة على ضرورة الاهتمام باستجلاب أحدث المعامل، ولما كانت حماية المجتمع مسؤولية الدولة فعلى الدولة أن تدرك أيضاً أن (50- 60%) من الأمراض باتت منقولة بالغذاء، وعليه فللحد من انتشار هذه الأمراض ولضمان سلامة المواطن، المطلوب اجراءات وقائية لضمان سلامة الأغذية.* كيف تقيِّمون دور رقابة الأطعمة؟- لا أثر لجهاز يُعنى برقابة الأطعمة.* كيف تقيِّمون وضع الصحة العامة؟- الوضع ليس بأفضل منه في مجال الأغذية رغم التحسن الملموس والتطوّر في المؤسسات العلاجية خاصة في مجال المختبرات الطبية في المستشفيات التي طالها التطوّر وتم دعمها بمعدات وأجهزة حديثة التقنية فقد لاحظت ذلك التطور بمستشفيات الخرطوم، وسوبا، والمستشفى العسكري ولفت انتباهي أن هذه الوحدات عملت على ادخال نظم الجودة، وذلك أمر ايجابي نتمنى أن يمتد للمؤسسات العلاجية كافة، لأن ذلك يعتبر المدخل لمواكبة التطورات العالمية في هذه المجالات.

ليست هناك تعليقات: