الأحد، 13 يوليو 2008

مركز حجار الثقافي .. اذا الموؤدة سئلت


مركز حجار الثقافي ....... إذا الموءودة سئلت ؟ رغم مواقف الولاية الداعمة .. معتمد أم درمان يعرقل المشروع القومي ! المتابع للحراك الثقافي والتشكيلي وكافة أعمال الابداع والفنون يكتشف افتقار البلاد للصالات الوطنية التي تحتضن اعمال المبدعين من الفنانين والتشكيليين، وصار العرض والبحث عن سبل التواصل مع المتلقي عبئا اضافيا على هذه الشريحة الخلاقة. وقد أسهم غياب صالات العرض في الحد من الابداع كما انه لا يساعد في تنمية القدرات الابداعية عند الاطفال والنشء، ويشدد الدكتور أحمد عبدالعال وهو من أعمدة الفن التشكيلي بالبلاد على ضرورة وجود صالة وطنية تمكن الفنانين والجمهور من التواصل واثراء الحراك الفني الثقافي والابداعي بالبلاد خاصة ان معظم المبدعين يلجأون للمراكز الثقافية الاجنبية لعرض انتاجهم علما ان صالات العرض الملحقة بهذه المراكز ضيقة و لا تمكن هؤلاء الفنانين من عرض كامل لوحاتهم ويرى الناقد مصعب الصاوي ان وجود صالات وطنية ضرورة ملحة خاصة ان صالات المراكز الثقافية الأجنبية لا تكون دائما متاحة بعد ان توسع الانتاج الفني والتشكيلي على وجه الخصوص في السنوات الاخيرة حتى صارت الصالات الموجودة لا تفي بتغطية وعرض كل الانتاج كما ان الانشطة التشكيلية بحاجة للصالات الوطنية لعكس الانتاج الثقافي السوداني اسوة بصالات الفنون التي تتوفر للفنانين في المنقة العربية وكافة دول العالم المتحضر خاصة أن للفنون دورها الاجتماعي العضوي.كان الراحل جورج حجاركان يسعى لتشييد مركز للثقافة والفنون والآداب بأم درمان بيد ان المنية وافته قبل اقامة مشروعه الحلم ومؤسسة حجار الخيرية وهي منظمة وطنية معروفة ظلت تتفاعل مع القضية الاجتماعية لاهل السودان وتدعم الخدمات بكافة اشكالها على امتداد المليون ميل مربع ، وفي العام 1994 قرر مجلس امنائها تنفيذ المشروع في ظل معاناة شريحة المبدعين الناجمة عن افتقارهم لصالة وطنية تكون بمثابة المعرض الدائم لهم كما ان وجود مثل هذه الصالة يساهم في نشر التراث والابداع السوداني على مستوى العالم لان الصالة ستكون قبلة زوار البلاد الذين يريدون الوقوف على التراث الوطني من خلال تجسيد المبدعين له في لوحاتهم فقرر مجلس أمناء المؤسسة إقامة صالة فنون تكون بمثابة المعرض الدائم الذي يجمع قبيلة المبدعين في فنون التشكيل والنحت والخزف خاصة ان ابداعات هذه الشريحة ذات قيمة حقيقية تعاني عدم توفر المقر الدائم لعرضها مما ادى لتفرقها بين ردهات الفنادق والصالات الخاصة ليساهم ذلك في حرمان غالبية المواطنين من التمتع بتذوفها . وعندما اتخذ مجلس أمناء المؤسسة قراره الخاص بتشييد الصالة كان يتوقع ان تقابل الدولة هذا التوجه بالدعم بتخصيص قطعة ارض حتى يتم توظيف كل الاموال المرصودة لتشييد الصالة وذلك ما تلمسته المؤسسة. وتقول حنان محمد عبدالكريم مقرر مجلس أمناء حجار ان التفاعل الايجابي من الدولة جاء في حفل تأبين الراحل جورج حجار عندما اعلن الاستاذ عبدالباسط عبدالماجد ممثل رئيس الجمهورية منح الراحل جورج ميخائيل حجار وسام الجدارة ومنح مؤسسة حجار الخيرية قطعة ارض بولاية الخرطوم لاقامة صالة للفنون احياءا لذكرى الفقيد فقررت اسرة حجار اقامة المركز واهدائه للشعب السوداني ومنذ ذلك التاريخ ظلت المؤسسة على اتصال مع سلطات الحكومة الاتحادية للحصول على قطعة ارض بمساحة فدان لانشاء المركز الذي رصد له مبلغ (10) مليون دولار. وفي العام 2002 قام دكتور عبدالملك البرير معتمد ام درمان في ذلك الوقت بتخصيص مشتل ام درمان والذي ظل مهجورا ويشكل مهددا بيئيا لاهل المنطقة فقرر تخصيصه للمركز ليجد القرار ترحيب اسرة حجار خاصة ان ام درمان كانت مسقط رأس الراحل اضافة لكونها المدينة الوطنية التي انصهر فيها اهل السودان بمختلف ثقافاتهم واعراقهم وصارت منبعا للسودانوية والتزمت المؤسسة بتأهيل المشتل وتشغيله بصورة تلائم وجوده بالقرب من المركز الثقافي . وفي أعقاب القرار الوزاري الصادر عن وزير الزراعة بالخرطوم الذي قضى بتكوين لجنة لتأهيل المشتل وتحديد العلاقة بين المشتل والمركز الثقافي ألزمت اللجنة المؤسسة بتوفير الاعتمادات اللازمة لاعادة تأهيل المشتل وفق خريطة حديثة والزام القائمين على المركز ايجاد مصدر ثابت ومنتظم لتسيير العمل بالمشتل وبعد تجوز المشروع للعديد من العقبات تم وضع حجر الاساس لمشروع المركز في يناير 2003 في حفل شرفه والي الخرطوم ووزير الثقافة الاتحادي وشخصيات قومية والعديد من المعنيين بالحركة الابداعية والتراث . وسجلت أرض المركز باسم وزارة الثقافة مركز حجار للثقافة والفنون . وفي منتصف 2005 اصدر والي الخرطوم قراره بزيادة مساحة المركز ووجه المؤسسة الخيرية ببدء التأهيل ومن ثم الاطلاع بإدارة المشتل لتبدأ المؤسسة التأهيل وفق نهج يتواءم مع التصور العام للمركز ، وكانت المؤسسة تستصحب المحلية في مراجعة معيقات العمل ليكتمل تأهيل المشتل في مايو 2007 وفي اعقاب زيارة الوالي للموقع بعد اكمال تأهيله قرر ان تكون الادارة العليا للمشتل بيد المؤسسة وان يكون مشروع المشتل والمركز الثقافي داخل سور واحد دون الفصل بينهما بيد ان المؤسسة تلقت لاحقا خطابا من مدير المكتب التنفيذي للوالي وجه فيه بأن تتولى المؤسسة مسئولية ادارة المشتل بالتعاون مع محلية ام درمان على ان تكون الادارة العليا للمؤسسة وان تقوم المحلية باختيار شخص او اثنين من ذوي الخبرة والدراية ليتعاونا مع ادارة المشتل ويكونان تحت قيادتها واشرافها وفي 30-5 عقب تلقيها الخطاب اعلاه خاطبت المؤسسة والي الخرطوم بالخطوات التي ستتم لتنفيذ توجيهاته بشأن ادارة المشتل بيد ان معتمد ام درمان فاجأ المؤسسة بمحادثة لمدير المشروع الاستاذة حنان محمد عبدالكريم يعلمها بالتسليم وكان ذلك بتاريخ 3 - 6-2007 وبعد المحادثة وفي 6-6-2007 تلقت المؤسسة صورة خطاب من مدير المكتب التنفيذي للوالي لمعتمد ام درمان يقول فيه (فقد اتضح ان هذا المحضر " غير دقيق" وان توجيهات الاخ الوالي هي ان ادارة المشتل شان يخص المحلية طالما ان المشتل يتبع لها وعلي المحلية ان تراعي خصوصية مركز حجار الثقافي ، وتقول حنان عبدالكريم مدير المشروع (المؤسسة كانت حريصة على المضي في تنفيذ المشروع خاصة بعد تلمسها للموقف الداعم والمؤيد من قبل الوالي ، وبعد تصاعد الاحداث التي كان المحادثة الهاتفية للمعتمد والخاصة بتسليم المشتل عملت على نقل الاحداث للوالي ولما لم تتلقَ قي الرد منه فقد اوص مجلس الادارة ايقاف جميع الاعمال المتعلقة بالمشروع حتى الوصول لحل للمشكلة علما ان المؤسسة صرفت على تأهيل المشتل مليار وستمائة مليون جنيه.وقبيل الوقوف على آراء بعض النفر الكريم من الخبراء على اهمية المركز وملحقاته تعمد الصحافة لتسليط الضوء على مشروع المركز الثقافي نهجه المعماري ومحتواه . يتكون المركز من مجموعة من الصالات المتداخلة والمترابطة حول محور مرور افقي من الشرق للغرب تقع على جانبيه صالات العرض والمتحف وتحته صالات عرض للاطفال مع الخدمات وفوقه قاعة المؤتمرات الرئيسية وعلي يساره المكتبة منتهيا عند صالات العرض السينمائية .آخذا فكرة الموجة المتحركة من المركز للاطراف صمم المركز على شكل دائري متحرك من الداخل الي الخارج مع التميز باطلالات مستمرة من مختلف المواقع والزوايا به نحو النيل والذي يمثل جهة الاستقبال والرافد للثقافة .المتحف وصالات العرض تقع في طبقتين تتوسطان المبنى ويمكن استغلالهما لاكثر من نشاط ، قاعة المؤتمرات تسع ما يزيد عن الألف ، المكتبة الرئيسية تسع سبعمائة جالس والتي صممت لتغدو المكتبة المركزية لام درمان ، العناية بالنشء والاطفال حتمت وجود صالتين في الطابق التحتي لفنون الاطفال وتدريبهم مع وجود الخدمات ، كما تم تصميم صالتي عرض سينمائي تسع الواحدة منهما اكثر من (300) مشاهد في الجانب الغربي من المركز .الحديقة الامامية بمعق اكثر من (25) من الداخل وحتى اولى درجات صعود المبنى والذي رفع على (10) درجات مظهرا شخصية ومتفردة ومطلة على النيل .جاءت الاعمدة الامامية بارتفاع (12) متر بنيت من حجر ام درمان لتحكي تاريخ الحضارة السودانية وارتباط ام درمان بها،ربط التصميم بين الحداثة والقديم فكل الحوائط من الداخل والخارج مشطبة بالحجر الكلسي المستجلب من غرب ام درمان وايضا الدرج والممرات اما ابواب المداخل والصالات فقد صنعت من خشب السنط المستعمل في ابواب المنازل بامدرمان القديمة وعمل المراكب علي شاطئ النيل .السقف الممتد من المدخل وحتى النهاية الغربية بالشكل المقعر مكن من استخدام الطاقة الشمسية من اضاءة جميع المرافق والمركز اضافة لتسخين المياه كل تلك العوامل مكنت من الخروج بتصميم صديق للبيئة من استخدامات للمياه الراجعة للنيل والطاقة الشمسية وكذلك مراعاة حقوق اصحاب ذوي الحاجات الخاصة فمع وجود مناطق الحركة الرأسية توجد بجانب اي منها مزلقانات لتسهيل حركتهم والعناية بهم .وعند الحديث عن السور فقد ركز المصمم عب ارجاع سور ام درمان القديم والذي يقع قريبا من المنطقة ، وقد صمم ايضا من الحجر على شكل اهرامات صغيرة تتصل فيما بينها باعمال الحديد المشغول على شكل حراب المهدية وقد تم البحث عن حديد قديم وتشكيله في ورش ام درمان القديمة ، وللأسف فقد تم ايقاف العمل في اليوم الذي بدأ فيه المقاول صب خرصانات الاسوار. ووفقا لذلك فإن التكلفة الاجمالية لهذا المشروع في حدود التسعة مليون دولار، بروز مشكل يهدد بوقف المشروع اصاب المهمومين بقضايا الثقافة والفنون بحالة من الاحباط العام . يقول الدكتور أحمد عبدالعال وجود صالة للفنون بام درمان يظل امرا حيويا ومبادرة حجار لتشييد الصالة تؤكد اصالة الثقافة السودانية بمختلف مكونات ألسنتها ودياناتها واعراقها وحري بنا ان نثمن مبادرة حجار وان تجد الدعم وعليه فاننا نناشد والي الخرطوم انجاح هذه المبادرة حتى تقوم الصالة عنواناً ودليلا راسخا يحكي انصهار كل الاعراق في بوتقة الثقافة السودانية . ومن جانبه وصف الناقد مصعب الصاوي المشروع بانه يحمل في معانيه ودلالاته رمزيات متعددة اولها ان اسرة حجار جزء من نسيج المواطنة الخيرة التي تسهم في دعم وجوه الحياة السودانية اقتصادية ، ثقافية ، فنية ورياضية وهذه المبادرة دليل على مفاهيم التعايش الاجتماعي الثقافي السلمي التي ينشدها اصحاب الضمير الوطني في سودان متعدد الاعراق والثقافات والمعتقدات ، وهذه هي الرمزية التي أرادتها اسرة حجار لهذا الصرح لاهل ام درمان ، ويمضي الاستاذ مصعب للقول : ( الامر الثاني هو اختيار ام درمان كمكان تحققت فيه اعلى درجات الانصهار القومي للشخصية السودانية وكما ان حجار احسنت اختيار المشروع لتخليد ذكري عميدها فقد احسنت اختيار الموقع لما عرفت به ام درمان من عبقرية في صناعة الحياة الثقافية في الوطن في مجالات الفنون والابداع بجانب ما تمثله المدينة على المستوى العائلي لآل حجارمن ولاء نفسي واجتماعي واختتم الصاوي حديثه بان الذهنية التجارية التي تتعامل بها حكومة الولاية مع هكذا مبادرات كفيلة بان تجفف روح العطاء الانساني الطوعي الخيري ، كما ان المردود المعنوي للمشروع لا يقدر بثمن فالحياة الثقافية باتت احوج ما تكون لمثل هذه المرافق والبني التحتية بعد ان كفت المؤسسة الثقافية الرسمية عن دعم الابداع والمبدعين.في ختام هذا التحقيق يمكن القول إن مشروع مركز حجار الثقافي بات مهددا خاصة ان الكثيرين يذهبون الى ان قرار المؤسسة القاضي بتعليق العمل حتى حل المشكلة المتعلقة بالمشتل قرار منطقي حتى يتم توفير الضمانات الكافية ،فمن يدري ربما يعمد المعتمد الى رفع سماعة التلفون ليقولها ( الو ادارة مركز حجار للثقافة ارجو تسليم مندوبنا البناية ) وربما يزيد ( عليكم مغادرة البناية فورا ) وحتى لا يحدث ذلك فعلى والي الخرطوم ان يعمد شخصيا لمعالجة الموقف خاصة وقد عرف عنه النأي عن التوجه البيروقراطي ودعم المشاريع القومية والبني التحتية في كافة اوجه الخدمات وخاصة ان انفتاح الرجل ساهم في نجاح استراتيجية الولاية في كافة مجالات البني التحتية فهل تتلقى المؤسسة من الوالي ما يدفعها لبدء التشييد في البناية الدولية ، هكذا يأمل اهل الابداع الذين يأملون في هذا المشروع وفي هذه الحقبة حقبة وجود الدكتور عبدالحليم اسماعيل المتعافي على رأس الولاية

ليست هناك تعليقات: