الأحد، 13 يوليو 2008

تواصل الانهيار في اسعار المحاصيل

إعداد: بله علي عمراقسم انني لم اتعرض لحالة اكتئاب كتلك التي انتابتني في اعقاب القسم الغليظ لود الهادي ? من اعيان المزارعين بقسم المكاشفي بمشروع الجزيرة ? اقسم الرجل علي عدم العودة للزراعة لانها باتت ( خراب بيوت) اما سبب اكتئابي وقد كنت شاهدا عندما اقسم الرجل هو حالة الحزن العميق والذي يكاد يصل حد البكاء للرجل وهو يعلن مقاطعة الزراعة للابد والذين يعرفون اهل الجزيرة يدركون ان ود الهادي اتخذ قرارا صعبا لا يحتمل، وصعب المالات ايضا ان الانقطاع عن الزراعة لاولئك القوم يعني الموت اختناقا . وسبب الامتناع عن الزراعة اوجزه الرجل في ثلاث مفردات (باتت خراب بيوت ) و يقول احمد محمد الماصع مزارع بتفتيش النصيح بمشروع الجزيرة ان حديث ود الهادي جاء بمثابة البوح الصريح لما يعتمل في نفوس كل المزارعين ليس علي مستوي الجزيرة وحسب بل علي امتداد ارض المليون ميل مربع وذلك بسبب الخسائر المتلاحقة التي ظل يتعرض لها المزارعين جراء حالة البوار والكساد الذي بات من سمات اسواق المحاصيل , وفي عملية حسابية بسيطة يقول ود الماصع ان اعداد اربعة افدنة لمحصول الذرة تبلغ (300) الف فدان فيما تبلغ تكلفة فتج التقانت (250) الف جنيه اما التقاوي واعمال الجرايات و(المتيربية )(150) الف جنية وتتجاوز اعمال الحش والكديب (400) الف جنية ,مبيد الحشائش (50) الف جنيه , رسوم المياه (500) الف جنيه, اما تكاليف الحصاد فهي كالاتي قطع (400) الف جنيه سكب القصب (300) الف جنيه والمزارع ملزم بسكب القصب والا تعرض لعقوبة وغرامة مالية كبيرة وهناك تكاليف الحصاد الاخري من دق ونقل المحصول والزاكاة وتتجاوز تكاليف ذلك (250) الف جنية وبعملية حسابية بسيطة نجد ان المزارع وحتي يتمكن من زراعة وحصاد (4) افدنة يحتاج الي اجمالي (2,65) فقط اثنين مليون وستمائة وخمسون الف جنية واذا كانت انتاجية الفدان في احسن الاحوال (13)جوالا فهذا يعني ان جملة المحصول تبلغ (52) جوال صرف عليها المزارع ما جملته (2,65) مليون جنيه وبعملية حسابية لتلميذ بمرحلة الاساس فانه سيقول لوالده البسيط ان تكلفة (شوال ) العيش الواحد تبلغ (50,912) فقط خمسون الفا وتسعمائة واثني عشر جنيها لاغير وعندما يفكر المزارع المغلوب علي امره في بيع بعض محصوله للايفاء بالديون وقبل دخول زريبة المحاصيل يفاجا بجيوش من الجباه فتزداد التكلفة وداخل الزريبة يصاب بحالة من الدوخة جراء تدني الاسعار التي لا تتجاوز ال(50)% من سعر الكلفة وبالتحديد يجد ان عليه البيع بحوالي (35) الف جنيه للجوال .من القضارف حدثني حيدر عبداللطيف البدوي من كبار منتجي الذرة بمنطقة الزراعة الالية بالقضارف عن حالة الانهيار في اسعار المحاصيل , ليس بالنسبة للذرة وحسب كذلك بالنسبة للسمسم ايضا واضاف ان الاسعار الراهنة دون تكلفة ما يصرف علي الحصاد وحده بعيدا عن التكاليف الاخري من اعداد للارض واعمال كديب وغيرها مطالبا الجهات المعنية بالشراء من المنتج مباشرة لان ذلك يعني تواصل العملية الانتاجية اما النهج الراهن بالشراء من التجار فلا ينعكس اجابا علي المنتج , الصحافة وقفت علي الشكوي المشتركة للمنتجين من كافة المشاريع في القطاعين المطري والمروي الذين انتقدوا اسلو الشراء الذي تنتهجه الهيئة العامة للمخزون الاستراتيجي التي تشتري المحصول من التجار الذين يتفقون علي احداث حالة من الكساد تؤدي لانهيار الاسواق لينقضوا عليها وذلك توجه يؤدي في نهاية المطاف الي تجفيف القطاع الزراعي ومما زاد الطين بلة ان المخزون يشتري المحصول باسلوب الدفع الاجل لمدة عام كامل ويري حيدر البدوي ان ذلك التوجه لا يعبر عن اهتمام بالزراعة ولا بالعاملين بها خاصة اذا استصحبنا ان المزاع يحتاج للبيع العاجل ونقدا حتي يتمكن من الايفاء بالتزاماته كما ان سوق المحصول عرف بالبيع نقدا.وعندما اردت الوقوف علي مستقبل الزراعة في اعقاب النفرة الخضراء التي اعلنتها الدولة لم اقف علي اية بارقة امل باحداث تحول جذري عند المزارعين الذين لا يتجاوز دور الدولة عندهم التدخل الاسعافي من موسم لاخر كان تتدخل لوقف الانهيار في الاسعار ويصف العمدة رحمة المولي التدخل الذي جاء عبر المخزون الاسترتيجي كان وبالا علي العملية الانتاجية لان الشراء كان بالاجل ولمدة عام وانعكس ذلك في انهيار الاسعار بسوق (الله اكبر ) ويري احمد محمد الماصع ان كل ما يصدر عن الدولة ما هو الا عمل سياسي لا يبرح مكانه بدليل قانون مشروع الجزيرة الذي اجمع الكل بانه جاء بمثابة عصا موسي لننظر الان الي واقع المشروع ومزارعه ليتاكد لنا ان تظاهرة القانون كانت مثل كيد سحرة فرعون ويقول احمد محمد الماصع ان النفرة الخضراء مثل قانون مشروع الجزيرة وعندما تدخل في الحديث البشير ود همبه ان الدولة جادة في امر النفرة بدليل انها ضخت اموالا ضخمة للنفرة رد احمد المصطفي ان ما رصدته الدولة للنفرى لا يتجاوز الادعاء بدليل من اسعار الذرة منهارة المزارعين لم يصرفوا اية سلفيات كما لم تحرك الدولة اية ساكن لانفاذ قانون الجزيرة برصد اية نسبة من تعويضات المالكين.وحول الخروج من الازمة وازالة حالة فقدان الشهية بين المزارعين ووفقا لحديث العمدة رحمة المولي من قيادات المزارعين بالجزيرة فعلي الدولة الشراء من المزارعين مباشرة ونقدا وذلك حتي يتمكن المزارع من ابراء زمته من حقوق العمالة والدائنين ويتفق رحمة المولي مع حيدر البدوي علي ضرورة ان تاتي الاسعار مشجعة المزارع علي مواصلة العملية الانتاجية حتي لا يتعرض المزارع للخسارة خاصة ان للحكومة الازراعة التي تمكنها من وضع التقديرات الصحيحة لسعر التكلفة وتتمثل هذه الاذرع في بنك المزارع والبنك الزراعي علي ان يوضع هامش ربح متواضع يمكن المزارع من الايفاء بمسئوليته نحو اسرته ذلك ان للمزارع ابناؤه التلاميذ والطلاب بمختلف المراحل الدراسية مثل غيره من المواطنين ويحتاج هؤلاء لمصروفات التعليم والعلاج والملبس وغيرها . وفي ختام طرح هذه القضية لابد من الاشارة الي ان حالة الاحباط التي تلمستها بين المزارعين وصلت لمرحة تلاشت فيها الامال بالاصلاح من قبل الدولة وعندما تستفسرهم عن دور الدولة فتجد بعضهم يسالك (اية دولة نحن نعمل بشعار تلك الايام نداولها بين الناس ونحن ننتظر تداولها وقبل ذلك رحمة رب العالمين ) !

ليست هناك تعليقات: